أحكام الإحداد في الشريعة الإسلامية
وصف قصير: الإحداد: ماهيته-حكمه-حكمته-أحكامه
يكثر التساؤل عن أحكام الإحداد بالنسبة للمرأة، وما الذي يجوز لها خلال فترة العدة، وما الذي لا يجوز، فهاك بيان ماهية الإحداد، ومشروعيته، وحكمته، وأبرز أحكامه:
هو ترك المرأة الزينةَ، والطيب، وغير ذلك مما يُرَغِّبُ فيها، ويدعو إلى جماعها.
الإحداد واجب على المرأة المتوفى عنها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» (متفق عليه)
ما هي الحكمة من منع المرأة من الإحداد على أمها وأبيها فوق ثلاث وإيجابه عليها على زوجها أربعة أشهر وعشر وهو أجنبي عنها ؟
يقول ابن القيم : " ولما كانت مصيبة الموت لا بد أن تحدث للمصاب من الجزع والألم والحزن ما تتقاضاه الطباع ، سمح لها الحكيم الخبير في اليسير من ذلك وهو ثلاثة أيام ، تجد بها نوع راحة ، وتقضي بها وطراً من الحزن .
وأما الإحداد على الزوج فإنه تابع للعدة وهو من مقتضياتها ومكملاتها ، فإن المرأة إنما تحتاج إلى التزين والتجمل والتعطر لتتحبب إلى زوجها ، وترد لها نفسه ، ويحسن بينهما المعاشرة.
فإذا مات واعتدت منه وهي لم تصل إلى زوج آخر، فاقتضى تمام حق الأول ، وتأكيد المنع من الثاني قبل بلوغ الكتاب أجله ، أن تمنع مما تصنعه النساء لأزواجهن ، مع ما في ذلك من سد الذريعة إلى طمعها في الرجال ، وطمعهم فيها بالزينة والخضاب والتطيب، فإذا بلغ الكتاب أجله صارت محتاجة إلى ما يرغب في نكاحها ، فأبيح لها من ذلك ما يباح لذات الزوج ، فلاشيء أبلغ في الحسن من هذا المنع والإباحة ، ولو اقترحت عقول العالمين لم تقترح شيئا أحسن منه"
للإحداد أحكام تجب مراعاتها:
1- لزوم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فتقيم فيه حتى تنتهي العدة، وهي أربعة أشهر وعشراً لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:234].
إلا أن تكون حبلى فعدتها تنتهي بوضع الحمل، لقوله تعالى: { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ} [الطلاق:4].
ولا تخرج من بيتها إلا لحاجة أو ضرورة كمراجعة المستشفى للعلاج، وشراء حاجتها من السوق كالطعام ونحو ذلك، إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك.
2- ليس لها لبس الجميل من الثياب،فلا تلبس ثياباً تعد ثياب زينة؛ لما رواه البخاري من حديث أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا لاَ تَكْتَحِلُ وَلاَ تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ»؛
ولما رواه أبو داود عن أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ».
3- ألا تتجمل بالحلي بجميع أنواعه من الذهب والفضة، والماس واللؤلؤ وغيره، سواء كان ذلك قلائد أو أساور أو غيرها حتى تنتهي العدة.
4-ألا تتطيب بأي نوع من أنواع الطيب سواء كان بخوراً أو دهناً إلا إذا طهرت من الحيض فلها أن تستعمل الطيب في المحل الذي فيه الرائحة الكريهة.
5- ألا تتزين في وجهها أو عينها بأي نوع من أنواع الزينة أو الكحل.
6-يجوز للمعتدة الذهاب للعمل والوظيفة من تدريس ونحوه، وحضور الدروس التي لابد من حضورها.
7- للمرأة الإحداد على غير الزوج، وأكثر ما يمكن أن تحد المرأة على غير الزوج هو ثلاثة أيام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» (متفق عليه)