وصف قصير: العدة: أدلتها-حكمها- حكمتها-أحكامها
من أسفٍ فإن كثيرا من النساء يجهلن بعض أحكام العدة، ناهيك عن حكمها، وحكمتها؛ لذا من الأهمية بمكان معرفة ماهية العدة، وبيان أدلتها، وحكمها، فضلا عن حكمة مشروعيتها، وابرز الأحكام المتعلقة بها.
العدة مشروعة بالكتاب، والسنة.
الكتاب: لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق:4]
السنة: لما ثبت أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ- أي: ولدت- بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، «فَأَذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ» (رواه البخاري).
واجبة على كل امرأة فارقها زوجها أو مات عنها بعد خلوته بها، سواء كانت الفرقة بطلاق، أو خلع، أو فسخ؛ لتعرف براءة رحمها بوضع حمل، أو مضي أقراء، أو أشهر.
في العدة حق لله، وحق للزوج، وحق للزوجة، وحق للولد:
1 - التأكد من براءة الرحم لئلا تختلط الأنساب.
2 - إتاحة الفرصة للمطلق متى ندم أن يراجع امرأته، وكان الطلاق رجعيا.
3 - تعظيم شأن النكاح: فكما أنه لا ينعقد إلا بأركان وشروط، فلا ينتهي إلا بانتظار وتريُّث.
4 - احترام المعاشرة بين الزوجين: فلا تنتقل لزوج آخر إلا بعد انتظار .
5 - صيانة حق الحمل إذا كانت المطلقة حاملاً.
1- إن طُلقت المرأة قبل الدخول فلا عدة عليها؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49].
2- المرأة الحامل عدتها إلى وضع الحمل؛ لقوله تعالى: { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ} [الطلاق:4].
3- المرأة المتوفى عنها زوجها عليها العدة وفاء للزوج ومراعاة لحقه، فإن كانت حاملا فعدتها إلى وضع الحمل، وإن كانت غير حامل: فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وهذه تعتد مطلقاً سواء أدخل بها الزوج، أم لم يدخل؛ لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة:234].
4 - المرأة المطلقة- إن كانت غير حامل- وهي من ذوات الحيض: فعدتها بمرور ثلاثة حيضات
كاملة بعد الطلاق بمعنى أن يأتيها الحيض وتطهر، ثم يأتيها وتطهر، ثم يأتيها وتطهر، هذه ثلاث حيض كاملة، سواء طالت المدة بينهن أم لم تطل بعد الفراق؛ لقوله تعالى:{ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة:228]
والحيضة التي تطلق فيها لا تحسب من عدتها؛ لأن الله تعالى أمر بثلاثة قروء فتناول ثلاثة كاملة، والتي طلق فيها لم يبق منها ما تتم به مع اثنتين ثلاثة كاملة، فلا يعتد بها.
5- المرأة المفارقة لزوجها بخلع أو بنكاح فاسد أو زنى، تعتد بحيضة واحدة لمعرفة براءة رحمها.
6- إن كانت المرأة لا ترى الحيض بأن كانت صغيرة أو آيسة لكبر سن: فعدتها تنتهي بمرور ثلاثة أشهر على فراقها؛ لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق:4]
التزامات العدة:
1 - يجب على المعتدة أن تلزم بيت الزوجية حتى تنقضي عدتها، ولا يحل لها أن تخرج منه، ولا يحل لزوجها أن يخرجها منه، ولو وقع الطلاق وهي غير موجودة في بيت الزوجية وجب عليها أن تعود إليه بمجرد علمها ؛ لقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]
2- يجوز للمعتدة خروجها لحاجة؛ لحديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا- تقطع ثمرتها- فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ ، فَقَالَ: «بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا» (رواه مسلم).
3- تستحق المطلقة طلاقا رجعيا النفقة والسكنى، وكذلك المعتدة بطلاق بائن إن كانت حاملاً، فأما إن كانت غير حامل فلا نفقة لها ولا سكنى؛ لحديث فاطمة بنت قيس- رضي الله عنها- حين طلقها زوجها تطليقة كانت بقيت لها، أن النبي قال لها: «لَا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا» (رواه مسلم).
4- يحرم على المطلقة طلاقا رجعيا التعرض لخطبة الرجال؛ فهي لازالت في حكم الزوجة؛ لقوله تعالى: { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة:228]
5- يجب على المتوفى عنها زوجها الإحداد على زوجها مدة العدة، وهو لزوم المرأة بيت زوجها المتوفى وترك مظاهر الزينة والطيب ؛ لقوله: «لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» (رواه البخاري)،كما يجب أن تلزم بيتها الذي تعتد فيه ولا تخرج إلا لحاجة.