ألا تعلم ما هو النذر؟قد يلزم المرء نفسه بشيء ما، أو طاعة لله غير واجبة عليه، وقد يقع شكرًا لله على نعمة أو لغير سبب، فهذا يسمى النذر. وقد يكون النذر مطلقا، كأن يقول الشخص: لله عليَّ أن أصلي كذا أو أصوم كذا. وقد يكون مقيدا فيعلق النذر على شرط حصول شيء، كأن يقول: إن شفى الله مريضي، أو قدم غائبي، فعليَّ كذا، ونحو ذلك. والنذر لله -عز وجل- من أنواع العبادة، فهو حق لله وحده، لا يجوز صرف شيء منه لغير الله، فمن نذر لقبر أو وليٍّ ونحوه؛ فقد أشرك بالله تعالى شركًا أكبر، والعياذ بالله. |
ما حكم النذر؟نميز بين: 1- ابتداء النذر والدخول فيه: فهو مكروه غير مستحب؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي ﷺ نهى عن النذر، وقال: «إنه لا يردُّ شيئًا، وإنما يستخرج به من الشحيح» (متفق عليه). ولأنه ألزم نفسه بشيء لا يلزمه في أصل الشرع، فيحرج نفسه ويثقلها بذلك، ولأنه يستحب للمسلم فعل الخير بلا نذر. 2- الوفاء بالنذر: فمن نذر فعل طاعة، وجب عليه الوفاء به: • لقوله تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ) [البقرة: 270] • ولأن الله -عز وجل- قد مدح الموفين بالنذر وأثنى عليهم، قال تعالى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) [الإنسان: 7]. • ولأمره ﷺ بالوفاء به؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» (رواه البخاري). |
متى يكون النذر صحيحا، ومتى يكون غير صحيح؟يكون النذر صحيحًا منعقدًا: إذا كان طاعة وقربة، يتقرب بها الناذر إلى الله تعالى، وهذا يجب الوفاء به. ويكون النذر غير صحيح ولا منعقد: إذا كان معصية لله تعالى: كالنذر للقبور والأولياء أو الأنبياء، أو نذر معصية: كالقتل، أو شرب الخمر ونحوها، فهذا النذر لا ينعقد، ويحرم الوفاء به. |
نذر اللَّجَاج والغضب: هو تعليق النذر بشرط يقصد به المنع من فعل شيء، أو الحمل عليه، أو التصديق أو التكذيب، كقوله: إن كلمتك، أو إن لم يكن هذا الخبر صحيحًا، أو إن كان كذبًا، فعليَّ الحج.
وحكمه: هذا النذر خرج مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه، ولم يقصد به النذر ولا القربة، فهذا يخير فيه بين فعل ما نذره أو كفارة يمين؛ لقوله ﷺ:«كفارة النذر كفارة يمين» (رواه مسلم).
النذر المباح: وهو أن ينذر فعل الشيء المباح، نحو: أن ينذر لبس ثوب أو ركوب سيارة ونحو ذلك.
وحكمه: أنه لا شيء عليه فيه؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «بينما النبي ﷺ يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يستظل، ولا يتكلم، وأن يصوم. فقال: (مروه فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه» (رواه البخاري).
ما صور النذور المحرمة؟ وما حكمها؟هي نذور المعصية، وتتحقق في صور، منها: 1 - نذر شرب الخمر ونحوه؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ قال: «ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» (رواه البخاري). 2 - النذر الذي يقع للأموات كأن يقول: يا سيدي فلان، إن رد غائبي، أو عوفي مريضي، أو قضيت حاجتي، فلك من النقد أو الطعام أو الشمع أو الزيت كذا وكذا. فهذا باطل، وهو شرك أكبر والعياذ بالله؛ لأنه نذر للمخلوق، وهو لا يجوز؛ لأن النذر عبادة، وهي لا تكون إلا لله. 3 - إذا نذر أن يسرج قبرًا، أو شجرة، لم يجز الوفاء به، ويصرف قيمة ذلك للمصالح؛ لأنه معصية، ولا نذر في معصية؛ للحديث المتقدم. وحكم نذر المعصية: أنه لا ينعقد ولا يجب الوفاء به، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: «ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» (رواه البخاري)؛ ولأن معصية الله لا تباح في حال من الأحوال، ولا يلزمه به كفارة. |
كنذر فعل الصلاة والصيام والحج، سواء أكان مطلقًا، أم معلقًا على حصول شيء، ويسمى نذر التبرر.
وحكمه: يجب الوفاء به إن كان مطلقا، وعند حصول الشرط إن كان معلقًا؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (رواه البخاري).
يلزمه كفارة يمين، سواء كان مطلقًا أو مقيدًا؛ لحديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين» (رواه الترمذي).