أنيري قلبك وبيتك.. يوم الجمعة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم«خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، يَوْمُ الْجُمُعَةِ.فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ. وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا. وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمعَةِ». رواه مسلم
هل تتذكرين ما فعلتِه بليالي الجمعة وأيامها في حياتك الماضية؟السؤال جدًا مهم إذ إن يوما عظمه الله تعالى بين سائر الأيام، وأشفقت منه الملائكة والأرض والسماء وما فيهن، وفيه ساعة يُسْتَجَابُ فِيهَا الدعَاء، وفَضْل العمل الصالح فيه كفضل رمضان على سائر الشهور، وكانت سورة الكهف بليلته ونهاره نورا يسري لصاحبه، كما جعله الله كفارة الأسبوع كله من المعاصي إذا ما أحسن العبد العمل.. لابد ألا يفوتك أجره.
حسناً هكذا نرى الهالة محيطة بيوم الجمعة، الذي يجتمع فيه المسلمون فيتواصلون ويتراحمون، وتدركهم نفحات يوم هو عيد في الأرض والسماء.
إذا كنتِ ممن شغلتهم الدنيا عن عظمة هذا اليوم، فلم تدركي فضله ولم تحثي أسرتك على صالح أعماله.. هيا نخطط لأيام جُمُعَتِنَا المقبلة.
& اجلسي إلى مصحفك ليلة الجمعة، وتحديدا من مغرب يوم الخميس، واقرئِي بخشوع سورة"الكهف" فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُوَرَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ». ويحدد العلماء زمن استحباب قراءة السورة من مغرب الخميس لمغرب يوم الجمعة. ويمكنك دعوة أسرتك لقراءة السورة الجليلة وتذكيرهم بها وبيان فضلها.
& حضِّري ثيابك وثياب أسرتك ليوم الجمعة، وجهزي الطيب المناسب لكل فرد منكم. فإذا جاء يوم الجمعة فادعي الذكور البالغين المكلفين بصلاة الجمعة بالاغتسال وارتداء ملابسهم وتطييبها والسير بخشوع للمسجد.
قال صلى الله عليه وسلم" من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سَنَة أجر صيامها وقيامها
وهنا نعلم أن النساء والأطفال _دون سن البلوغ_ والمرضى من الفئات التي استثناها الشرع من التكليف بصلاة الجمعة في المسجد، وإن كان لا يوجد مانع شرعي من حضور المرأة وأطفالها الصلاة بالمسجد إذا ما أمنت الطريق وامتثلت بالمظهر الإسلامي وراعت آداب المسجد.
& تأكدي من انتهائك من كل ما قد يشغلك عن العبادة يوم الجمعة؛ فلا تؤجلي مثلا نظافة منزلك الأسبوعية ليوم الجمعة، فهو أمر إلى جانب شغله لأفراد الأسرة فهو يُذْهِب بهجة عيده والذي ينبغي أن يكون كل شيء بالبيت المسلم مستعدا له، فنرى البيوت نظيفة مرتبة تتخللها روائح الطيب والبخور، فيجتمع شمل الأسرة في سكينة وسرور.
&استعدي أنت وأسرتك ليوم الجمعة بقيام الليل، وليس هناك خصوصية لقيام ليلة الجمعة، وإن كان القيام عموما شرف المسلم المؤمن، وواحدة من أهم النوافل عن رسول الله والسبب بالقرب من الله وإنارة المنازل بفيض لا يراه إلا ملائكة السماء ببيوت القائمين.
ومن هنا فليس من الملائم السهر طويلا ليلة الجمعة، لأنها طريقة مؤسفة لإضاعة صلاة الفجر، ويزداد الأمر سوءًا لو كان السهر فيما لا يرضي الله كمشاهدة مواد ترفيهية مسفة، وهي عادة منتشرة للأسف بكثير من الفضائيات ليلة الجمعة!
&أكثري من الصلاة على رسول الله في كل وقت، وخاصة ليلة الجمعة ويومها.
عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟ فقالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ» سنن أبي داود
&إذااستيقظتِ لصلاة الفجر،فحبذالوكنت تحفظين سورتي"السجدة" و"الإنسان" فتقرئين بهما،فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ {ألم تَنْزِيلُ}، وَ{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [ابن ماجة].
وبالطبع نحرص بعد الصلاة على أذكار الصباح الواردة عن رسول الله، وقراءة القرآن، وحاولي أن تكون فرصة للتأمل بملكوت الله وسط سكون الكون وبهائه مع خيوط النهار الجديد وانسحاب الليل رويدا.
& خطِّطي لصلة الأرحام بيوم الجمعة، الوالدين والأخوة والأقارب والجيران، وليس شرطا أن يتسع الوقت لتلك الزيارات في كل جمعة، لكن ما لا تدركيه بالزيارة المباشرة يمكن إدراكه بوسائل التواصل الحديثة، ما استطعتِ. وتذكري في هذا اليوم عيادة المرضى والصدقات وحضور الجنازات للرجال وغيرها من أفعال البر التي يتضاعف أجرها في يوم الجمعة.
& خصِّصي برنامجا محببًا ومبسطًا لتثقيف الأطفال يوم الجمعة، من خلال كتب مفيدة أو برامج تليفزيونية أو متاحة على الإنترنت، أو حتى أفلام. واجعلي اليوم فرصة للتواصل العميق بين أفراد الأسرة والترويح عن النفس وفعل كل ما يدخل البهجة بالنفس من زيارة للمتنزهات أو الاجتماع على الهوايات المختلفة وتناول الأطعمة المفضلة على مائدة واحدة، لأن الحياة المعاصرة جعلت البيت يعيش فيه غرباء لايتواصلونإلاللضرورة!
&ذكّري زوجك بضرورة التبكير لصلاة الجمعة، وقد قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[سورة الجمعة، الآية: 9]
& احرصي على تعويد أبنائك الذكور قبل البلوغ على صلاة الجمعة، حتى لا يقعوا بالمحظور فمن ترك الجمعة متعمدا طبع الله على قلبه، عياذا بالله.
& لا تنسي الدعاء المكثف بيوم الجمعة، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» البخاري ومسلم. وقيل أن أفضل الأوقات عقب صلاة العصر يوم الجمعة. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد صلاة العصر إلى غيبوبة الشمس» [رواه الترمذي]
والثانية: ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة فعن أبي بردة بن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهمارضى الله عنه"أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة » [رواه مسلم].
واسألي الله من كل خير سأل منه الحبيب صلى الله عليه وسلم واستعيذي من كل شر استعاذ منه الحبيب، وستساعدك الأدعية المكتوبة كثيرا في هذا الأمر، وينبغي ألا تنسي من دعائك أسرتك وعائلتك والمقربين، وأن تخصصي يوميا من دعائك للمسلمين، وألا تشغلك المطالب الدنيوية عن غاية الآخرة.
.. جمعتكم طيبة مباركة.. تتآلف القلوب وتتطهر الأبدان ويجتمع ذوو الرحم وتتشارك الأسرة في طاعة الله.. فتُفتح أبواب الرحمة ويزول الهم ونشعر بجمال يوم الجمعة _سيد الأيام _ في الدنيا والآخرة.