البيوع المحرمة في الشريعة الإسلامية


5558

البيوع المحرمة في الشريعة الإسلامية

توجد بعض البيوع المحرمة في الإسلام ، فمن أشهرها ما يلي :

1-بيع الكالئ بالكالئ:

لا يجوز بيع الكاليء بالكاليء: وهو بيع الدين بالدين، وله عدة صور منها:

1- بيع ثمن مؤجل بثمن مؤجل: وهي صورة أخرني وأزيدك، وهي أصرح صور الربا وأشدها قبحا.

2- بيع ثمن مؤجل بسلعة معينة مؤجلة التسليم: ولا حرج فيها، وصورتها أن يبيع الرجل على مدينه بدينه سلعة معينة مؤجلة التسليم، وهذه لا حرج فيها لشبهها بقصة شراء النبي صلى الله عليه وسلم من جابر جمله واشتراط جابر أن يكون تسليم الجمل في المدينة وكان الوفاء بالثمن في المدينة كذلك.

3-بيع ثمن مؤجل بسلعة موصوفة في الذمة مؤجلة: وصورتها أن يكون لرجل على آخر دين مؤجل فيشتري من مدينه سلعة موصوفة في الذمة (طن من الأرز مثلا) مؤجلة إلى أجل معلوم، وهذه صورة من صور عقد السلم:

  فإن رضي المدين بتعجيل ما في ذمته من دين وأن يجعله ثمنا لما أسلف فيه : فلا حرج في هذه الصورة لتحقق شروط السلم، والتي من آكدها تعجيل رأس المال؛ لأن ما في الذمة في حكم المقبوض.

  أما إذا لم يرض المدين بتعجيل دينه وجعله ثمنا فلا تصح هذه الصورة لتخلف أحد شروط السلم وهو تعجيل رأس المال.

4-بيع سلعة موصوفة فى الذمة مؤجلة بسلعة موصوفة فى الذمة مؤجلة: وذلك كأن يبيع عددا معينا

من السيارات موصوفا في الذمة مؤجل التسليم بعدد معين من الثلاجات مثلا موصوفا في الذمة كذلك مؤجل التسليم؛ ولهذه الصورة طريقان:

  أن تتم على سبيل السلم:  فلا تجوز لتخلف أحد شرائط عقد السلم، وهو تعجيل رأس المال.

  أن تتم على سبيل الاستصناع: فلا يظهر فيها حرج عند من يقولون إن الاستصناع عقد مستقل فلا يشترط فيه قبض رأس المال في المجلس.

2-بيع وشرط:

- أمرت الشريعة المطهرة بالوفاء بالعقود، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وأمرت بما التزم به الإنسان من الشروط، إلا ما كان من شرط غير مشروع يحل الحرام أو يحرم الحلال، فعَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ, إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا وَ أَحَلَّ حَرَامًا».( رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ)

-لكن ورد النهي عن بيع وشرطين  فعَنْ عَمْرِوِ بْنِ شُعَيْبٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ » ( رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ)

وقد قسم أهل العلم الشروط في العقود إلى شروط مشروعة وأخرى غير مشروعة، والأصل في العقود والشروط الحِلُّ حتى يأتي ما يدل على التحريم ، فسيتم بيان ما لا يشرع من الشروط ويبقى ما وراء ذلك على أصله من الحل:

فالشرط الفاسد :

-هو الذي يناقض مقتضى العقد كاشتراط عدم البيع أو الهبة ونحوه .

- أو الشرط الذي يناقض مقتضي الشرع:

  كالذي يفضي إلى إباحة محرم.

  أو يؤدي إلى جهالة الثمن أو تعدد الصفقة ومنه اشتراط عقد آخر كالبيع والإجارة والقرض ونحوه.

 

3-بيعتان فى بيعة:

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ) وَلِأَبِي دَاوُدَ: «مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوَكَسُهُمَا, أَوْ الرِّبَا»

فلا يجوز بيعتان في بيعة، واختلف في صورتها على أقوال:

-البيع بثمنين معجل ومؤجل أعلى منه: فهو الزيادة في بيع السلعة نسيئة عن سعر يومها، وهذه الصورة مشروعة في الصحيح من قولي العلماء.

- البيع بثمنين معجل ومؤجل أعلى منه على الإبهام : وذلك بأن يقول له البائع : هي بكذا نقدا وبكذا نسيئة ويفترقان على الإبهام دون تحديد. ووجه المنع  أمران :

 الأول: جهالة الثمن وعدم استقراره.

الثاني: شبهة الربا:

  لأنه إذا ملك السلعة بدينار نقدا وبدينارين إلى أجل وقد وجب عليه أحدهما، فهذا كأنما وجبت عليه بدينار نقدا فأخره فجعله بدينارين إلى أجل، أو فكأنما وجبت عليه بدينارين إلى أجل فعجلهما فجعلهما بدينار نقدا.

-بيع العينة: وهو بيع الشيء بثمن مؤجل على أن يشتريه منه بثمن حال أقل من ثمنه الأول، وهو أحد البيوع التي يتذرع بها إلى الربا؛ لأن المقصود في الحقيقة هو نقد بنقد مع زيادة ، وما السلعة إلا وسيط صوري يتذرع به لاستباحة هذه الزيادة.

-أن يشترط في عقد البيع عقدا آخر: كأن يقول بعتك هذه الدار بكذا على أن تبيعني هذه السيارة بكذا، سواء حدد المبيع الثاني أو الثمن أم لا، فكل عقدين جمع بينهما في عقد واحد فهو من المنهي عنه لدخوله في عموم النهي عن الصفقتين في صفقة.

وينبغي التفريق بين هذه الصورة وبين صورة بيع سلعتين مختلفتين بثمن واحد كأن يبيع سيارة ودارا بمليون دينار مثلا أو بيع سلعة بسيارة وألف دولار، فهذا ليس من البيعتين في بيعة وهو جائز بالاتفاق.

- أن يُسْلِمَ في سلعة إلى أجل فإذا حل هذا الأجل باعها له إلى أجل آخر بزيادة: فهذا بيع ثان دخل على البيع الأول فيرد إلى أوكسهما وهو الأول ، وهو من المنهي عنه عند الجميع.

4- بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه:

وذلك إذا كان البيع قبل لزوم البيع الأول وبغير إذن البائع الأول،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: « وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ ». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَلِمُسْلِمٍ: «لَا يَسُمِ الْمُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ الْمُسْلِمِ».

وصورة السوم : أن يأخذ شيئًا ليشتريه فيقول له: ردَّه لأبيعك خيرًا منه بثمنه أو مثله بأرخص، أو يقول للمالك: استرده لأشتريه منك بأكثر، ومحلُّه بعد استقرار الثمن وركون أحدهما إلى الآخر.

ويُستثنى من النهي عن سوم الرجل على سوم أخيه بيعُ المزايدة ؛وهو المناداة على السلعة فيزيد الناس فيها بعضهم على بعض حتى تقف على آخر زائد فيها فيأخذها؛ وذلك لوجود النص على مشروعيته.

5-بيع الحاضر للبادى:

لا يجوز بيع الحاضر للبادي بحيث يصبح الحاضر سمسارا له، وذلك لما يؤدي إليه من الإضرار بأهل البلد والتضييق على الناس؛ لأنه متى ترك البدوي يبيع سلعته اشتراها الناس برخص، وكانوا في سعة، فإذا تولى الحاضر بيعها وامتنع من بيعها إلا بسعر البلد ضاق على أهل البلد، وما قد يؤدي إليه من الإضرار بأهل المصر من جهة أخرى غير الرخص وهو ندرة السلع، إذ قد يكون أهل البلد في حال قحط وحاجة إلى الطعام والعلف، والحضري يأبى أن يبيع ذلك إلا لأهل البدو طمعا في زيادة الثمن،فعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ, وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ». قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ: «وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ?» قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

شروط النهي عن بيع الحاضر للبادي :

- عموم الحاجة إلى ما يقدم به البدوي من السلع.

- جهل البدوي بالسعر.

- توجه قصده إلى البيع الحال بسعر يومه.

-ارتفاع ثمن المبيع على التدريج عن ثمن البيع الحال.

- كون البدوي قد جلب هذه السلع لبيعها لا لخزنها.

6-بيع الكلاب ومهر البغي وحلوان الكاهن :

لا يجوز بيع الكلاب لما صح من النهي عن ذلك، فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ - رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ, وَمَهْرِ الْبَغِيِّ, وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

ومهر البغيّ:هو ما تأخذه الزانية على الزنا.  وحُلْوان الكاهن :هو ما يأخذه الكاهن على كهانته.

واختلف في الكلب المأذون باتخاذه ككلب الماشية وكلب الصيد، فأجاز المالكية بيعه ومنع من ذلك غيرهم.

7-بيع المعازف وأدوات اللهو:

يحرم بيع المعازف وآلات اللهو المحرمة لدى جمهور الفقهاء ، أما ما وردت الرخصة باستعماله كالدف فلا حرج في بيعه.

8-البيع عند نداء الجمعة:

يحرم البيع وقت نداء الجمعة لورود النهي الصريح عن ذلك، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 9، 10]

والأذان المراد هو الذي يكون بين يدي الخطيب، ويقاس غير البيع على البيع في التحريم عند جمهور أهل العلم.

وشروط التحريم:

- أن يكون المشتغل بالبيع ممن تلزمه الجمعة: فإذا تبايع اثنان ممن لا تلزمهم الجمعة وقت النداء فلا حرج، أما إذا كان أحدهما ممن تلزمه الجمعة فإنهما يأثمان: أحدهما لارتكابه المحظور، والآخر لإعانته عليه.

- أن يكون عالما بالنهي.

- انتفاء الضرورة إلى البيع.

 





كلمات دليلية:




أول من جلب عبادة الأصنام للعرب هو <b>عمرو بن لحي الخزاعي</b>.