ألا تريد أن يحبك الله عز وجل؟ يكفي في أهمية الطهارة أنها من موجبات محبة الله تعالى للعباد، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) [البقرة:222].
ومَنْ منا لا يريد تحصيل كمال الإيمان ؟ أمَا تدبرت قول حبيبك ﷺ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ»(أخرجه مسلم)؟ ، بل وتعد الطهارة-كذلك- شرطًا لصحة بعض العبادات كالصلاة والطواف ونحوها.
والحاصل أنه بالطهارة تتحقق عافية روحك وبدنك، بَلْهَ هي مَعْلم بارز من محاسن الإسلام.
التنظف والتخلي عن الأدناس، وفي الاصطلاح هي ارتفاع الحدث وزوال النجس.
- ليست الطهارة-كما يتبادر إلى ذهن الكثيرين- هي طهارة الظاهر فقط، بل طهارة الباطن كذلك، وهي أولى وآكد، بل هي الأصل، وطهارة الظاهر فرع لها، فكيف يكون باطنك طاهرًا ؟
- بادي ذي بدء تكون طهارة الباطن بتخلص القلب من أدران الكفر والشرك بالله تعالى، ألم تسمع إلى قول الله جل جلاله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) [التوبة/28] ؟ فتلك هي نجاسة القلب إزاء الإشراك بالله سبحانه وتعالى، وهذا بخلاف الإيمان، فإن المؤمن طاهر القلب بالتوحيد ، قالﷺ:«إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ»(متفق عليه).
- لكن القلب المسلم قد تعتريه آفات وعلل كثيرة، وما أكثرها في هذا الزمان !!
- ألا ترى ما تنجست به قلوب كثيرين من أمراض القلوب كالكبر والحسد ؟
- وكيف يكون المسلم متكبرًا، والرسولﷺ يقول: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» (أخرجه مسلم) ؟
- بل كيف يكون المسلم حاسدًا، والله جل جلاله هو الذي أعطى ؟ أتعترض على المُنْعم سبحانه وتعالى ؟
|
ألا تعرف أن الحدث نوعان؟حدثٌ أصغر:وهو ما يقوم بأعضاء الوضوء فقط ويوجب غسل تلك الأعضاء فحسب. ومثاله: البول وباقي ما ينقض الوضوء. فكيف ترفع الحدث الأصغر ؟ يُرفَع الحدث الأصغر بالوضوء ؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ِ) [المائدة: 6] ، ولقوله ﷺ: «لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» (متفق عليه). |
|
أما الحدث الأكبر:فهو ما يقوم في جميع أعضاء البدن ويوجب الغسل. ومثاله: الحيض والجنابة ونحوها. ويُرفَع الحدث الأكبر بالغسل؛ لقوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُُ) [البقرة: 222]؛ وقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) [المائدة: 6]. |
وطهارة الظاهر ليست بالتطهر من الحدث فحسب، بل-أيضًا- بالتطهر من النجس
سواء أكان في الأبدان أو الثياب أو الأماكن.
إنه الوجوب؛ إذ يجب التطهر من النجس؛ لحديث بول الأعرابي في المسجد «فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ»( رواه مسلم).
والسؤال الذي يطرح نفسه :
إن الطهارة تحصل بالوضوء والغسل في الأصل، وإلا بالتيمم حال التعذر، لقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا )[النساء: 43]