المحرمات من النساء
لا يعرف كثير من الناس أحكام المحرمات من النساء، وقد تترتب على ذلك أضرار كثيرة؛ فمن الأهمية بمكان معرفة ذلك.
المحرمات في النكاح قسمان:
1- أن تبادل الحقوق والواجبات بين الزوجين قد يؤدي إلى الخلف والخصومة فتتحول القرابة إلى قطيعة رحم ويفضي ذلك إلى العداوة.
2- أن الزواج بالأقارب- وكما أكد الأطباء - قد ينتج النسل الضعيف، وأن مصلحة الطفل في أن يتولد من أبوين من أسرتين؛ لأن هذا يهيئ له ما قد يكون فيه نماؤه وقوته وسلامته من الأمراض.
وهؤلاء الثلاثة يحرمن بمجرد عقد الزواج، سواء دخل بالسبب المُحَرِّم أو لم يدخل
1-أصول الإنسان: الأم، والجدة لأب أو لأم- وإن علت
2-فروع الإنسان: بناته وبنات أولاده- وإن نزلن
3-الأخوات وبنات الإخوة والأخوات -وإن نزلن
4-فروع أجداده من درجة واحدة: العمات والخالات
(للشخص نفسه- عمات وخالات لأبيه أو أمه- لأحد أجداه وجداته)
قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْت} [النساء:23]
1-زوجات الأصول: زوجة الأب، وزوجة الجد؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا} [النساء:22]
2-زوجات الفروع : زوجة الابن، وزوجة ابن الابن، وزوجة ابن البنت ؛ لقوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء:23]
3-أم الزوجة- وإن علت↑؛ لقوله تعالى:
{ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } [النساء:23]
4-بنت الزوجة: وتسمى الربيبة، فهي حرام على زوج أمها إذا دخل بأمها، فإن لم يدخل بها، كأن طلق الأم، أو ماتت قبل الدخول، فإنه يجوز له نكاح ابنتها؛ لقوله تعالى: { وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } [النساء: 23] ، وسواء أكانت بنت الزوجة تربَّتْ في حجر ورعاية زوج أمها أم لم تكن؛ إذ القيد في الآية خرج مخرج الغالب
5-يحرم على المرأة زوج أمها، وزوج ابنتها، وابن زوجها، وأبو زوجها
1- الأم من الرضاع: وهي التي أرضعتك - وإن علت ↑؛ لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ } [النساء:23]
2- البنت من الرضاع: وهي التي رضعت من زوجتك، فيكون الرجل أباً لها من الرضاع
3- الأخت من الرضاع: وهي كل امرأة رضعتْ من أمك أو رَضَعْتَ من أمها أو رَضَعْتَ أنت وهي من امرأة واحدة، أو رضعت من زوجة أبيها، أو رضعت هي من زوجة أبيك، لقوله تعالى: {وَأَخَوَاتُكُمْ منَ الرَّضَاعَةِ } [النساء: 23]
• بنت الأخ أو الأخت من الرضاع
4- العمة من الرضاع :وهي التي رضعت مع أبيك
• الخالة من الرضاع: وهي التي رضعت مع أمك
لقول رسول الله : « إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ» (متفق عليه).
القسم الثاني:المحرمات تأقيتاً:
أي تكون المرأة محرمة لسبب ما،فإذا زال السبب أبيحت له.
حكمة التحريم: إيقاع العداوة بين الأقارب وإفضائه إلى قطيعة الرحم المحرمة.
ما يحرم من أجل الجمع
1 - الجمع بين الأختين، سواء كانتا من النسب أو من الرضاع، وسواء عقد عليهما معاً أو متفرقاً؛ لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء:23]
2-الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، وبين المرأة وبنت أختها، أو بنت أخيها، أو بنت ابنها، أو بنت ابنتها؛ لقول رسول الله : «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا، وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا، وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا، وَلَا تُنْكَحُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى، وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى» (رواه أبو داود).
القاعدة: أن الجمع يحرم بين كل امرأتين لو فرضت إحداهما ذكراً لما جاز له أن يتزوج الأخرى
1 - المشغولة بحق الغير:
• المتزوجة ؛ لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء} [النساء:24]
• المعتدة من الغير؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيم} [البقرة:235] منعا من الاعتداء على الغير بالتزوج من زوجته أو معتدته، وحفظا الأنساب من الاختلاط والضياع .
2 - مَنْ طلقها ثلاثاً حتى يطأها زوج غيره، بنكاح صحيح؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُون} [البقرة:230] مما يوجب التروي في إيقاع الطلاق وتدبر عواقبه, وعدم التسرع في الإقدام عليه، ويحمل على حسن العشرة واجتناب ما يؤدي إلى إيقاعه، فضلا عن أنهما إن رجعا ثانية بعد تزوج الزوجة بغيره فلا يعود الشقاق بينهما والذي استوجب وقوع تلك الطلقات بعد أن ذاقا مرارة الانفصال، وخبرت هي أخلاق الرجال.
3 - المحرمة حتى تحل من إحرامها؛ لقول رسول الله:«لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ،وَلَا يُنْكَحُ،وَلَا يَخْطُبُ» رواه مسلم.
4 - يحرم تزوج المسلمة بغير المسلم ، سواء أكان ذلك ابتداء أم دواما، وسواء أكان كتابيا يدين بدين سماوي، أم كان مشركاً لا يدين بدين سماوي ؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [البقرة:221] ؛ ولقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة:10] وإذا نهى عن الإمساك بعصمتها فالنهي عن ابتداء تزويجها أولى،فإن فعلت فنكاحها باطل لا يقبل التصحيح ولا الإجازة، ولا تترتب عليه الآثار الشرعية المترتبة على النكاح، وعلاقتها بمن اقترنت به علاقة زنا، والأولاد المولودون عن هذا الزواج أولاد غير شرعيين، والحكمة من ذلك أن الكافر لا يعترف بدين المسلمة، بل يكذب بكتابها، ويجحد رسالة نبيها، بما يفضي إلى فتنتها في دينها، ناهيك عن أولادها لنشأتهم في كنف أب مشرك، وقد يحمل ذلك المرأة- وهي ضعيفة بطبعها، ولقوامة الرجل عليها- على متابعته على كفره، أو بالأقل على هجر دينها والزهادة في إقامة شعائره، وفي ذلك خسران الدنيا والآخرة! ولا يمكن لبيت أن يستقر ولا لحياة أن تستمر مع هذا الخلاف الواسع والبون الشاسع.
5 - يحرم على الرجل المسلم أن يتزوج المشركة التي لاتدين بدين سماوي ولا تؤمن برسول ولا كتاب إلهي بأن تكون وثنية أو ملحدة أو بوذية، لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُم} [البقرة: 221] فالمشركة ليس لها دين يأمرها بالخير، وينهاها عن الشر، فهي موكولة الى طبيعتها وما تربت عليه في عشيرها، وهو خرافات الوثنية وأوهامها وأماني الشياطين وأحلامها، تخون زوجها وتفسد عقيدة ولدها، أما مَنْ تدين بدين سماوي ممن تؤمن برسول وكتاب، كاليهودية التي تؤمن بموسى والتوراة، والمسيحية التي تؤمن بعيسى والإنجيل فيجوز له أن يتزوج بها لقوله تعالى: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة:5] يعني: فهن حل لكم، والمقصود بالمحصنات: العفيفات؛ ليخرج الزواني، وحكمة تزوج المسلم بكتابية أن الكتابيات يشتركن مع المسلمات في بعض العقائد، كأصل الإيمان بالله واليوم الآخر ونحو ذلك، مما عسى أن يكون معينا لهن في هدايتهن إلى الإسلام، وليس له أن يتعرض لها بأي نوع من أنواع الأذى إذا اختارت البقاء على دينها.
فوائد:
- زواج المسلم بكتابية - وإن كان مشروعا، إلا أن له مخاطره البالغة التي ينبغي أن ينتبه لها، في ضوء التغيرات الحضارية التي مرت بها الأمم وفي ظل حالة الضعف التي تعيشها الأمة عامة وأقلياتها المهاجرة خاصة في هذه الأيام، ناهيك عمَّا أسفرت عنه التجارب المعاصرة من آثار مروعة على مستقبل الناشئة في حالات الطلاق، أو التفريق بين الزوجين التي تكثر في مثل هذه الحالات:
• مخاطره على الزوج : ما يجده من المرارة والتعاسة عندما يعاشر امرأة تخالفه في العقيدة والشريعة، فلا تُعظِّم ما يعظِّم، ولا تُحرِّم ما يُحرِّم.
• مخاطره على الأولاد :
1- التوزع في الولاء، فلا يدرون لمن يعطون الولاء، ألأبيهم المسلم أم لأمهم اليهودية أو النصرانية ؟!فالأمّ الرافضة لدين أبيه لا تُذكّره في العادة بعبادة، ولا تأمره بواجب ديني، ولا تنهاه عن حرام.
2- ما يحصل كثيرًا من انتزاع الأولاد من أبيهم والرجوع بهم إلى بلد الأم في الغرب، وتنصير الأولاد وتنشئتهم على غير الإسلام.
• مخاطره على المجتمع:
1- كساد المسلمات، وبقاؤهنَّ عوانس في البيوت.
2- تبدل الاعتبارات التاريخية والأوضاع السياسية، وما تعيشه الأمة الإسلامية من حالة الاستلاب القيمي والحضاري، وينعكس ذلك جليا عند الشقاق بين الزوجين، وخاصة حول الأولاد.
3- نشر عادات اجتماعية بعيدة عن الإسلام، ومنها:
- خروج الزوجة الكتابية من بيتها حاسرة متبرجة بزينة.
- تناول الزوجة الكتابية للمحرمات من الخمر والخنزير ونحوه.
- استرسال الزوجة الكتابية في علاقتها مع الرجال دونما حريجة من دين أو طبع على النحو المزري الذي يفعله غير المسلمين.
ولذا ينبغي على من أراد أن يتزوج من كتابية أن يراعي ما يلي:
صورة توضح مآسي زواج المسلم من الكتابية في العصر الحاضر.
إذا أسلمت المرأة وبقي زوجها على غير الإسلام حرمت المعاشرة الزوجية ومقدماتها بينهما على الفور، فيجب عليها الامتناع من معاشرته، أو الخلوة به؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } [الممتحنة:10]، ولانعقاد إجماع الأمة على أن المسلمة لا تحل لغير المسلم ابتداء ودواماً.
تبقى العصمة الزوجية موقوفة في مدة العدة:
• فإن أسلم فهما على نكاحهما.
• وإن بقي على دينه فلا يحل لها البقاء عنده، ولا تمكنه من نفسها باتفاق؛ لقول رسول الله لزينب بنته عن زوجها العاص بن أبي الربيع:«أَيْ بُنَيَّةُ، أَكْرِمِي مَثْوَاهُ، وَلَا يَخْلُصُ إِلَيْكِ فَإِنَّكَ لَا تَحَلِّينَ لَهُ» (رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين). وللزوجة بالخيار بين أن ترفع أمرها إلى القاضي المسلم –إن وجد- لفسخ نكاحها، أو التربص وترقب إسلامه، فمتى أسلم استأنفا نكاحهما.