ما هي المرابحة ؟وهل هي مشروعة ؟ وما شروطها؟وما هي الصياغة المعاصرة لعقود المرابحة ؟
ماهية المرابحة : هى البيع برأس المال مع زيادة ربح المعلوم.
تعد المرابحة صورة من صور البيع ، فتحل بما تحل به البيوع وتحرم بما تحرم به البيوع ، وقد استدل أهل العلم على مشروعيتها بما يلي:
1- عموم أدلة إباحة البيع، والمرابحة ما هي إلا نوع بيع .
2- أجمعت الأمة على مشروعيتها؛ حيث تعامل بها الناس في مختلف الأعصار والأمصار بغير نكير.
3- مسيس الحاجة إلى هذا النوع من البيع، فإن الذي لا يحسن المماكسة في البيع-أي: المناقصة في الثمن- يمكن أن يعتمد على فعل غيره وتطيب نفسه بمثل ما اشترى به وزيادة ربح معقول يتفقان عليه.
لكي تقع المرابحة صحيحة - بالإضافة إلى الشروط العامة لصحة البيع - لابد لها من توافر الشروط التالية :
أن يكون كل من رأس المال والربح معلوما؛ لأن العلم بالثمن شرط في صحة البيوع كلها.
2- أن يكون رأس المال من ذوات الأمثال ، فإن كان مما لا مثل له من العروض فلا تصح المرابحة في الراجح من أقوال أهل العلم، لأن مبنى المرابحة على الأمانة واجتناب الريبة، وترك الأمر للبائع لتقويم العرض ولتحديد الثمن الأول يفتح الباب إلى التفريط والتجاوز أو إلى الخطأ في أحسن الأحوال .
3- صحة العقد الأول ، فإن كان فاسدا لم تجز المرابحة .
يجب أن تصان المرابحة عن الخيانة والتهمة ، وذلك ببيان كل ما يؤثر بيانه في إرادة المشتري ، ورغبته في الشراء وذلك كالعيب الحادث عند البائع والزيادة الحادثة إذا كان قد حبسها لنفسه، والأجل لأن الثمن قد يزاد لمكان الأجل ، وحوالة الأسواق إن كان التغير بالرخص، كما يجب بيان شرائه ممن لا تقبل شهادتهم له كالابن والأب لشبهة المحاباة والمسامحة في الشراء من هؤلاء .
وإذا ظهرت الخيانة في المرابحة في صفة الثمن يكون للمشتري الخيار بين الإمساك وبين الرد، أما إن كانت في قدر الثمن رفع الغبن عن المشتري وحطت عنه الزيادة . هذا ولا يفسد عقد المرابحة بظهور الخيانة لأن التعزيز لا يمنع الصحة ، وإنما تعدل الأوضاع وينصف المشترى.
كان الشائع في العصور السابقة أن تكون السلعة في ملك البائع حاضرة كانت أو غائبة ، فيبيعها برأس المال وزيادة معلومة ، لكن اختلف الأمر الآن في مجال البنوك ، فالبنك لا يمكنه أن يكدس السلع في مخازنه - كما يفعل التجار - ليقوم ببيعها بعد ذلك مرابحة أو مساومة ، وإنما هو مجرد وسيط في التبادل، ومن ثم فإن الفكرة المطروحة في هذا المجال أن يتلقى المصرف أمرا من العميل بشراء سلعة معينة بمواصفات محددة ، واعدا بشرائها بطريق المرابحة ، فيقوم المصرف بناء على ذلك بشراء هذه السلعة ، ثم يبيعها لهذا العميل برأس مالها وزيادة الربح المتفق عليه .
فتتكون هذه المعاملة من وعد بالشراء ، وبيع بالمرابحة.
فالبنك يتلقى من عميله أمرا بشراء صفقة معينة ، مشفوعا بوعد منه بشراء هذه الصفقة .
فإذا ما استجاب البنك لطلب العميل ، واشترى له ما يريد ، تم إبرام عقد المرابحة بينهما ، فيبيع له البنك هذه السلعة بالربح المتفق عليه بينهما بعد أن يتأكد العميل من ملاءمتها له ، ومطابقتها للمواصفات التي حددها للمصرف من قبل .
فالبنك في هذه المعاملة لم يبع ما ليس عنده ، لأن عقد البيع لا يتم إلا بعد شرائه للسلعة ودخولها في ملكه ، وما كان بينه وبين العميل قبل ذلك فهو وعد بالشراء لا غير ، وفرق بين الوعد بالعقد وبين العقد، كالفرق بين الخطبة وعقد النكاح . والبنك كذلك لم يربح ما لم يضمن؛
لأنه وقد اشترى السلعة فأصبح مالكا يتحمل تبعة الهلاك قبل التسليم، فما يتلف من هذه السلعة قبل تسليمها للمشتري فإنه يتلف على البنك ، كما يتحمل تبعة الرد بالعيب الخفي بعد التسليم، فإذا ظهر بالسلعة عيب خفي بعد التسليم كان البنك مسئولا عن ذلك.
وما مدى التزام الآمر بالشراء في أن يبقى على وعده للبنك بأن يشتري منه هذه الصفقة؟
مبنى هذه المسألة على القول في مدى لزوم الوفاء بالوعد ، ومدى إمكان المطالبة القضائية به ولا يخفى وجوب الوفاء بالوعد ديانة إلا لعذر شرعي معتبر ، ولكن الخلاف في مدى الإلزام القضائي بالوعد، والراجح أنه لا يقضى به إلا إذا أدخل المستفيد في ورطة أو التزام بناء على هذا الوعد، حيث يقضى به في هذه الحالة دفعا للضرر المترتب ، أما فيما عدا ذلك فلا يقضى به، لإجماع أهل العلم على أن الموعود لا يُحَاصِصُ بوعده مع الغرماء؛ أي: إذا أفلس المدين وجاء الغرماء ليتقاسموا ماله فليس للموعود أن يدخل معهم في هذه المقاسمة.
فتطبق في المصارف الإسلامية المرابحة لتكون بديلاً عن كثير من الأعمال الربوية:
فمثلاً في عملية خصم الأوراق التجارية كما تجري في الإطار الربوي، يلجأ صاحب الحاجة إلى التاجر ليشتري منه حاجته إلى أجل محرراً له سنداً بذلك، فيقبل التاجر ذلك، اعتماداً على أنه سيقوم بخصم هذه الأوراق المحررة لأمره لدى البنك نظير عمولة وفائدة، ولا شك أن التاجر يضع في اعتباره هذه العمولات وتلك الفوائد عند تقديره لثمن بيع هذه السلعة إلى المشتري صاحب الحاجة.
وهنا يبرز دور المرابحة كعقد مشروع للخروج من هذا المضيق، وذلك بأن يتقدم صاحب الحاجة إلى المصرف مباشرة ليطلب منه شراء حاجته ثم يعده بشرائها منه بطريق المرابحة، فيستفيد المصرف بما يحصل عليه من ربح، ويستفيد العميل بقضاء حاجته، وينعم الجميع بتعامل شرعي طهور لا ربا فيه ولا ربية.
ومثل ذلك في عمليات الاعتمادات المستندية حيث يستطيع المصرف أن يحل محل المشتري - المستورد المحلي - في شراء الصفقة ثم يقوم بعد ذلك ببيعها له مرابحة وفق ما اتفقا عليه. وتطبيق ذلك
أن يتقدم التاجر المحلي إلى المصرف برغبته في شراء صفقة معينة وفقاً لمواصفات محددة، فيقوم المصرف بشرائها على أساس أن العميل قد وعد بشرائها منه بعد ذلك مع زيادة نسبة معلومة من الربح
قرر مجمع الفقه الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الخامس بالكويت عام 1409هـ/ 1988م، ما يلي
أولا: أن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعا، هو بيع جائز طالما كانت تقع على المأمور مسئولية التلف قبل التسليم، وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع، وانتفت موانعه.
ثانيا: الوعد: - وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد - يكون ملزماً للواعد ديانةً إلا لعذر، وهو ملزم قضاءً إذا كان معلقا على سبب، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد..
ثالثاً: المواعدة: وهي التي تصدر من الطرفين - تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز؛ لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكاً للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده.