شرط الولي في عقد النكاح
كثيرا ما يحدث أن تسارع الفتاة بالزواج من شاب بدون حضور وليها، فهل هذا الزواج صحيح ؟ وما الحال لو امتنع الولي عن تزويجها بصاحب الكفاءة ؟
- ليس من شروط صحة الزواج توثيقه في المحاكم الشرعية أو كون العقد على يد شيخ (مأذون) ، وإنما ذلك من الأفضل حفظا للحقوق، ولكن من شروط صحته وجود الولي وشاهدي عدل.
- ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لابد من وجود الولي في عقد النكاح، فالولي هو الذي يزوج لعظيم شفقته بموليته ورحمته بها وخبرته بالرجال، ولا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها، سواء كانت صغيرة أم كبيرة، بكراً أم ثيباً، والزواج بدون ولي زواج باطل، وهو الراجح بدلالة الكتاب والسنة:
فالآية صريحة في نهي الأولياء عن عضل الثيب، ومنعهم من تزويج الأكفاء، ولا يملك العضل إلا من بيده عقدة النكاح.
فدل على أن حق مباشرة العقد للرجال، ولكنه أوجب أن يكون برضى النساء، فالثيب لا بد من أمرها صريحاً، ويكتفى أن تستأذن البكر فتسكت.
-ما رواه ابن حبان في صحيحه بسنده عَنْ عَائِشَةَ-رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنْ تَشَاجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ ». -قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ»، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» (رواه أبو داود). -وروى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» أما الحنفية فقد رووا عن أئمتهم في المسألة روايتين: ظاهر الرواية أن نكاح الحرة العاقلة البالغة ينعقد برضاها ولو بدون ولي.
وعن أبي يوسف أنه لا ينعقد بدون ولي، وعن محمد: ينعقد موقوفاً.
وقولهما هو الموافق للأحاديث، فهل يصح أن يترك الحنفية هذا القول عندهم المؤيد بما رأيت من النصوص وعمل الصحابة لأجل تلك الرواية المخالفة لذلك؟!
-إذا تم القول ببطلان هذا العقد الذي تم بدون الولي، ولكن لا تعتبر هذه العلاقة زنا وذلك مراعاة لقول من أجاز ذلك من الأحناف، ولوجود شبهة النكاح في هذا العقد.
- لا يكفي علم الولي أو إذنه بالنكاح، بل يلزم إما مباشرته للعقد وتوليه ذلك، وإما توكيله من ينوب عنه ممن تتوفر فيه الشروط اللازمة لذلك وهي هنا الإسلام والعقل والذكورة والبلوغ والرشد (القدرة على معرفة الكفء ومصالح النكاح) ، ولا يصح توكيل المرأة في تولي العقد؛ لأنها لا يجوز لها مباشرته أصلا.
- لا يكفي عند كثير من الفقهاء أن يتم العقد عن طريق الهاتف والنت ونحو ذلك، بل يلزم حضوره، فإن لم يحضر فله التوكيل كما سلف، وكذلك حضور الشهود، وما ذاك إلا ليؤمن التدليس؛ ولعظم هذا الميثاق الغليظ - كما أسماه الله تعالى- احتاط الشرع له هذا الاحتياط.
- إذا لم يكن الخال من العصبة كابن عم فليس من أولياء المرأة ولا حق له في تزويجها، وكذلك إذا كان ابن عم ووُجد من هو أقرب منه كالأخ مثلا فلا يصح عقد النكاح، لكن إذا حضر الأخ قد حضر العقد وقام بتوكيل الخال أوسكت ودلت القرائن على رضاه بالعقد فالنكاح صحيح لدلالة سكوته هذا على إمضاء النكاح. وإن لم تدل القرائن على أن سكوت الأخ دال على الرضا بالعقد فالنكاح فاسد ،ولا بد من تجديد عقده بشروطه من وجود ولي وشاهدي عدل ومهر.
-إن لم توافق الفتاة على الزواج ممن تقدم لها، فلا يجوز لوليها- أباً كان أو غيره- أن يجبرها على الزواج به؛ لأن إجبار المرأة على الزواج بمن لا تريده لا يجوز.
-إذا امتنع الولي الأقرب من الحضور وتولي العقد من غير سبب معتبر شرعاً، أو كان ساقط الولاية بسبب ردته مثلاً انتقلت الولاية لمن بعده وصح توليه للعقد، والنكاح صحيح.