صلاة الوتر من أعظم القربات إلى الله تعالى، حتى رأى بعض العلماء أنها من الواجبات، ولكن الصحيح أنها من السنن المؤكدة التي ينبغي على كل مسلم المحافظة عليها وعدم تركها، فقد أمر بها النبي ﷺ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي
الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا»(رواه مسلم)، وكيف لا تصلي الوتر وهي سبيللك إلى محبة الله جل جلاله، فقد (روى أبو داود) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، أَوْتِرُوا، فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ»، وقد واظب ﷺ على صلاة الوتر حضرا وسفرا، فقد (روى البخاري ومسلم )عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلاةَ اللَّيْلِ إِلا الْفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ». وقال (الإمام أحمد رحمه الله) مبينًا أهميتها: " من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة »
يبدأ وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر؛ لقوله ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلاةٍ وهي الْوِتْرُ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ» (رواه الترمذي) هل الأفضل صلاة الوتر أول الليل أم آخره؟
الأفضل صلاة الوتر صلاة الوتر آخر الليل لمن طمع أن يقوم في ذلك الوقت؛ لأن الصلاة آخر الليل أفضل، وهي مشهودة، أما من يخاف أن لا يقوم آخر الليل فعليه أن يوتر قبل أن ينام لحديث جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ» (رواه مسلم).
أقل الوتر ركعة؛ لقول النبي ﷺ: «الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ» (رواه مسلم). وقوله ﷺ: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى» (متفق عليه) ، فإذا اقتصر الإنسان على ركعة فقد أتى بالسنة، ويجوز الوتر بثلاث وبخمس وبسبع وبتسع ركعات.
الأولى: أن يصلي الثلاث ركعات بتشهد واحد. لحديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: « كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسلّم في ركعتي الوتر »، وفي لفظ « كان يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن »(رواه النسائي بإسناد حسن، والبيهقي بإسناد صحيح).
الثانية: أن يسلّم من ركعتين ثم يوتر بواحدة. لما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة، وأخبر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك». (رواه ابن حبان).
إن أوتر بخمس أو بسبع ركعات: فإنها تكون متصلة، ولا يتشهد إلا تشهداً واحداً في آخرها ويسلم، لما روت عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله ﷺ «يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها»
(رواه مسلم).
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كان النبي ﷺ يوتر بخمس وبسبع ولا يفصل بينهن بسلام ولا كلام»(رواه أحمد).
إن أوتر بتسع ركعات: فإنها تكون متصلة ويجلس للتشهد في الثامنة ثم يقوم ولا يسلم ويتشهد في التاسعة ويسلم. لما روته عائشة رضي الله عنها «أن النبي ﷺ كان َيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا إِلا فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا»(رواه مسلم).
إن أوتر بإحدى عشرة ركعة: فإنه يسلم من كل ركعتين، ويوتر منها بواحدة.
أن يصلي ركعتين ويسلّم، ثم يأتي بواحدة ويسلم، ويجوز أن يجعلها بسلام واحد، لكن بتشهد واحد لا بتشهدين، كما سبق.
ويقرأ في الركعة الأولى من الثلاث سورة (سبح اسم ربك الأعلى) كاملة. وفي الثانية: الكافرون. وفي الثالثة: الإخلاص؛ لما
(روى النسائي) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» .
والأكمل أن لا يلتزم المسلم صفة واحدة، بل يأتي بهذه الصفة مرة وبغيرها أخرى؛ حتى يكون قد فعل السنن جميعها.
- يكون في الركعة الأخيرة من بعد الركوع، ويجوز قبل الركوع ، إلا أنه بعد الركوع أفضل.
- ويرفع يديه، ويدعو: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ، ولا منجا منك إلا إليك» (رواه أبوداود وابن منده في «التوحيد»).
- ثم يصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- ودعاء القنوت سنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما عَلَّم الحسين بن علي رضي الله عنهما القنوت في الوتر لم يأمر بتركه بعض الأحيان ولا بالمداومة عليه؛ فدل على جواز الأمرين.
- يُستحب أن يقول بعدما يُسلّم: «سبحان الملك القدوس» ثلاث مرات يمدّ بها صوته في الثالثة ويرفع. أخرجه النسائي. ثم يقول: «رب الملائكة والروح» (رواه الدارقطني).
ماذا يفعل من فاته الوتر ليلا ؟يشرع له أن يصلي بالنهار ما كان يصليه ليلا مع زيادة ركعة، فإذا كانت عادته ثلاثا صلى أربعا، وإذا كانت عادته خمسا صلى ستا، لما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً»، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم الغالبة الإيتار بإحدى عشرة ركعة، ويُسلِّم من كل اثنتين؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاء إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ » رواه النسائي؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:«صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» (رواه أبو داود). |