بيان حكم تارك الزكاة

فتاوى نور على الدرب

810

س: هل ترك الزكاة يخرج من الملة أم لا ؟

ج: ترك الزكاة لا يخرج من الملة، بل هي معصية كبيرة من كبائر الذنوب، لكن صاحبها لا يخرج من الملة، وهو تحت مشيئة الله؛ لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيد له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد يرى سبيله؛ إما إلى الجنة وإما إلى النار ما قال: إلى النار فقط. قال: إلى الجنة أو إلى النار. فدل على أنه تحت مشيئة الله، فإنه قد يدخل الجنة بعد التعذيب؛ بعدما يعذب، كما أن كثيرا من العصاة يعذبون كالزناة وأصحاب العقوق، وآكل الربا وغير ذلك، قد يعذبون ثم يدخلون الجنة إذا كانوا ماتوا على التوحيد والإسلام، وقد لا يعذبون إذا كانت لهم حسنات عظيمة وأعمال صالحة وعفا الله عنهم، فالله يعفو (الجزء رقم : 15، الصفحة رقم: 9) لمن يشاء سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل في كتابه العظيم: إن الله لا يغفر أن يشرك به . ثم قال سبحانه: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء . ما دون ذلك أي: ما دون الشرك، كالعقوق وترك الزكاة وترك الصيام وترك الحج مع الاستطاعة، وأكل الربا وشرب المسكر، كل هذه وأشباهها من المعاصي تحت مشيئة الله، قد يدخل النار ويعذب وقد يعفى عنه، لكن من دخل النار من أهل المعاصي لا يخلد بها، بعد مدة من بقائه بها يخرجه الله، والمدة: الله الذي يعلمها سبحانه وتعالى على حسب معاصيه، بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة: إما بشفاعة الشفعاء، كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أو بشفاعة غيره، أو برحمة الله وعفوه إذا انتهت المدة التي كتبها الله عليه في النار، ولا يخلد خلافا للخوارج والمعتزلة . الخوارج والمعتزلة يقولون:المعاصي صاحبها مخلد في النار، من ترك الزكاة يخلد في النار، من زنى يخلد في النار، من عق والديه يخلد في النار، من شرب المسكر يخلد في النار. هذا غلط عظيم. (الجزء رقم : 15، الصفحة رقم: 10) الخوارج يقولون: كافر ويخلد في النار. والمعتزلة يقولون: في منزلة بين منزلتين، ليس بكافر وليس بمسلم، لكنه في الآخرة مخلد في النار. فهم مع الخوارج بالقول: إنه في الآخرة مخلد في النار كالكفار. وهذا باطل خلافا لأهل السنة والجماعة، أهل السنة والجماعة يقولون: العاصي ليس بكافر، الزاني والسارق ومن ترك الزكاة، أو ترك صيام رمضان أو الحج مع الاستطاعة ليس بكافر، إذا لم يجحد وجوبها فإنه يكون عاصيا متوعدا بالنار، فإن دخلها لم يخلد، وإن عفا الله عنه فهو أهل الكرم والجود سبحانه وتعالى، وإن دخل النار فإنه يعذب مدة يشاؤها الله، ثم يخرجه الله من النار إلى الجنة، فضلا منه سبحانه وتعالى، ولا يخلد إلا الكفار الذين ماتوا على الكفر بالله، والعاصي إذا استحل يكون كافرا، إذا استحل ترك الزكاة أو استحل ترك الصيام؛ قال: ليس واجبا علي صيام رمضان بدون علة شرعية. أو قال - وهو مستطيع الحج - : ليس واجبا. فإنه يكفر بذلك، أو قال: الزنى ليس حراما. أو قال: عقوق الوالدين ليس حراما. أو قال: شرب المسكر ليس بحرام. أو قال: أكل الربا، أو كل الربا ما فيه ربا، كله حلال. هذا كفر أكبر، يكون مع الكفرة نعوذ بالله، أما إذا تعاطى الربا وهو يعرف أنه عاص، أو زنى وهو يعرف أنه عاص، أو شرب المسكر وهو يعرف أنه عاص، أو عق (الجزء رقم : 15، الصفحة رقم: 11) والديه وهو يعرف أنه عاص فتحت مشيئة الله، فهو عاص وأتى كبيرة وعلى خطر من دخول النار، لكن لا يكون كافرا خلافا للخوارج، ولا يخلد في النار إذا دخلها خلافا للمعتزلة والخوارج جميعا، ولكنه تحت مشيئة الله، إن عفا الله عنه لأسباب توحيده وأعماله الصالحة فالله سبحانه صاحب الجود والكرم، وإن عذبه على قدر المعاصي فهو الحكم العدل سبحانه، يعذبه كما يشاء بقدر سيئاته وأعماله القبيحة، ثم إذا مضت المدة التي قدرها الله عليه يخرجه الله من النار إلى الجنة؛ فضلا منه وإحسانا، هذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، وقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، ومما دل عليه كتاب الله ودلت عليه سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولذلك إذا زنى يحد، لا يقتل إلا إذا كان ثيبا واعترف، أو ثبت بأربعة شهداء يحد حد البكر بمائة جلدة وتغريب عام، لو كانت بالردة عن دين الإسلام يقتل مرتدا، الثيب إنما يقتل إذ زنى وهو ثيب قد تزوج ووطئ هذا يرجم، إذا كان حرا مكلفا يرجم، أما إذا كان مجنونا ما عنده عقل هذا ليس عليه حد، المقصود إذا كان مكلفا وزنى وهو ثيب؛ أي قد تزوج ودخل بالمرأة ووطئها يرجم حدا ويصلى عليه وليس بكافر، وإن كان بكرا لم يتزوج، أو تزوج ولم يطأ يجلد مائة جلدة ويغرب عاما، فدل على أنه ليس بكافر، لو كان (الجزء رقم : 15، الصفحة رقم: 12) كافرا يقتل، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: من بدل دينه فاقتلوه رواه البخاري. المرتد الكافر هو: من كان مسلما ثم ارتد عن الإسلام، هذا يقتل إلا أن يتوب، أما شارب الخمر لا يقتل بل يجلد، العاق لوالديه يعزره ولي الأمر ويردعه ولا يقتل، كذلك صاحب الغيبة والنميمة كلها معاص يستحق التأديب صاحبها، وليست كفرا بل هي معاص، صاحبها تحت مشيئة الله إذا مات عليها، خلافا للخوارج قبحهم الله الذين يكفرون بالذنوب، وخلافا للمعتزلة الذين يقولون: إنه مخلد في النار. فنسأل الله السلامة والعافية.






كلمات دليلية:




محمد المحسني