ج: قد فرض الله سبحانه وتعالى على عباده زكاة أموالهم ، وأمرهم بأدائها، وجعلها من أركان الإسلام الخمسة، قال الله تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ، وقال تعالى: (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 30) وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ، والآيات في ذلك كثيرة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت متفق على صحته. فالواجب على جميع المسلمين أن يؤدوا زكاة أموالهم إلى مستحقيها رغبة فيما عند الله، وحذرا من عقابه، وقد بين الله مستحقيها في قوله عز وجل في سورة التوبة: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ، وأخبر سبحانه في سورة التوبة أيضا أن الزكاة طهرة لأهلها ، فقال سبحانه: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وتوعد من بخل بها بالعذاب الأليم ، (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 31) حيث قال سبحانه: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم (34) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن كل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز، يعذب به صاحبه ، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم: أن كل صاحب إبل أو بقر أو غنم لا يؤدي زكاتها فإنه يعذب بها يوم القيامة . وفرض الله على المسلمين أيضا زكاة أبدانهم كل سنة، وقت عيد الفطر ، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر: صاعا من تمر أو صاعا من شعير على الذكر والأنثى، الحر والمملوك، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة . هذا لفظ البخاري. وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 32) شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط . ويلحق بهذه الأنواع في أصح أقوال العلماء كل ما يتقوت به الناس في بلادهم، كالأرز والذرة والدخن ونحوها، وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما خرجه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم ، فيجب على المسلمين أن يخرجوا هذه الزكاة قبل صلاة العيد ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبلها. ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلون ذلك. وبذلك يعلم أنه لا مانع من إخراجها في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين وليلة العيد، وصباح العيد قبل الصلاة؛ لأن الشهر يكون ثلاثين ويكون تسعة وعشرين، كما صحت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يجوز إخراج القيمة في قول أكثر أهل العلم؛ لكونها خلاف ما نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وقد قال الله عز وجل: قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 33) وقال سبحانه: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم . والله ولي التوفيق.