ج : التوسل بحرمة النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بجاه النبي أو بحق النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بحق الأنبياء أو بجاه الأنبياء هذا بدعة عند أهل العلم ، عند جمهور أهل العلم بدعة لا يجوز ؛ لأن الله ما شرعه لنا ، والتوسل عبادة ، فلا يجوز أن يفعل إلا ما شرعه الله سبحانه وتعالى ، فلا يجوز أن يقال : أسألك بحق فلان ، أو بجاه فلان ، أو بذات فلان ، لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره . وإنما يتوسل العبد بأسماء الله وصفاته ، (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 119) كما قال سبحانه : ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها . وكما في الحديث : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الحديث . وكما توسل أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة ، الذين دخلوا غارا بسبب مطر والمبيت ، فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار ، ولم يستطيعوا إزالتها ، فقالوا فيما بينهم : لا ينجيكم من هذا إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم . فسألوا الله بصالح أعمالهم ، فأزاحها عنهم سبحانه وتعالى ، وهذا ثابت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ، عن النبي عليه الصلاة والسلام ، أحدهم توسل ببره لوالديه ، والثاني توسل بأدائه الأمانة ، والثالث توسل بعفته عن الزنى ، فأزاح الله عنهم الصخرة بأسباب أعمالهم الطيبة التي توسلوا بها إلى الله عز وجل أما التوسل بجاه فلان وحق فلان فهذا ليس بمشروع ، ولكن تصح (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 120) الصلاة خلف من فعل ذلك ؛ لأنه ليس بكافر ، إنما هو عاص مخطئ في هذا الأمر ، أتى بدعة لا تخرجه من الإسلام ، فإذا صلى الناس خلفه فلا حرج في ذلك ، الصلاة صحيحة ، لكن وجود غيره أولى منه ، وجود إنسان لا يتوسل بهذه البدعة يكون أفضل وأولى من إمامته ، وينبغي أن ينصح ويعلم ويوجه . أما قول العالم الذي سألتم أنه يجوز فهذا قول خطأ ، وإن كان قد قال به بعض أهل العلم ، لكنه خطأ على الصحيح عند العلماء ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وقال عليه الصلاة والسلام : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد والتوسل بالجاه وبالحق محدث ، فلا يجوز فعله ، ثم هو وسيلة إلى الغلو والشرك ، فينبغي تركه ، والنبي صلى الله عليه وسلم ما توسل بحمزة ، ولا عمر توسل بالعباس ، إنما توسل بدعائه ، فهم إذا استسقوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم ليدعو لهم ، يقول : يا رسول الله ، قد أجدبنا ، هلكت الأموال ، هلكت الأنفس ، فادع الله لنا . فيستغيث لهم ، وهذا توسل بدعائه عليه الصلاة والسلام في حياته ، وقد فعلوا ذلك في خطبة الجمعة ، فاستغاث لهم وأغاثهم الله ، وقد طلبوا منه (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 121) الاستغاثة ، فخرج إلى الصحراء وصلى بهم ركعتين ، واستغاث لهم فأغاثهم الله . وهكذا فعل عمر لما أجدبوا في عهد عمر ، قال : اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا بنبينا فتسقينا توسلنا بنبينا يعني بدعائه ما هو بذاته ، بدعائه عليه الصلاة والسلام ، يدعو لهم ، يتوسلون بدعائه ، يعني أنه يدعو لهم ، فيستغيث لهم ، يرفع يديه ويدعو فيغيثهم الله ، ثم إنهم توسلوا بالعباس ما هو بذاته ، ما قالوا : إنا نسأل بجاه العباس ، لا ، إنما قالوا للعباس : ادع الله ونؤمن . فالعباس قام ودعا وأمنوا على دعائه ، هذا استسقاؤهم به ، فلا ينبغي أن يلتبس على المؤمن هذا الأمر ، التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالعباس إنما هو بالدعاء ، طلبوا من النبي أن يدعو لهم فدعا لهم عليه الصلاة والسلام ، وهكذا عمر طلب من العباس أن يدعو ويستغيث ، ففعل العباس ودعا وأمن المسلمون فأغاثهم الله ، وفق الله الجميع .