ج : الذي يعتقد في الأنبياء والصالحين ، ويلتجئ إليهم ، ويسألهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب هذا مشرك شركا أكبر ، هذا شرك الجاهلية ، شرك أبي جهل وأشباهه ، قال الله تعالى : ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ، سماه كفرا . وقال في المشركين : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، يعني اليهود والنصارى ، عبدوهم مع الله ودعوهم واستغاثوا بهم ، وبنوا على قبورهم المساجد ، فكفروا بذلك . وهكذا وقع لقوم نوح لما توفي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، وهم (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 110) رجال صالحون في قوم نوح ، لما ماتوا في زمن متقارب حزن عليهم قومهم ، ودس عليهم الشيطان أن يصوروا صورهم ، وأن يرسموها في مجالسهم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ، ففعلوا ؛ صوروهم ونصبوا الصور في مجالسهم ، فلما طال الأمد على الناس عبدوهم من دون الله ، استغاثوا بهم ونذروا لهم وذبحوا لهم ، فوقعوا في الشرك ، فبعث الله إليهم نوحا عليه الصلاة والسلام ، ودعاهم إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما ، يدعوهم إلى الله إلى توحيد الله والإخلاص له ، فلما استمروا في العناد أهلكهم الله بالغرق جميعا ، ولم ينج منهم إلا من كان مع نوح في السفينة ، كما قال تعالى : فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين ، فالذي يدعو الأولياء ، أو يدعو الأنبياء أو الملائكة أو الجن يستغيث بهم ، ينذر لهم ، يسألهم الشفاعة ، يسألهم شفاء المريض ، النصر على الأعداء ، كل هذا كفر بالله عز وجل ، ردة عن الإسلام ، كما يفعله بعض الناس مع الحسين - رضي الله عنه - أو مع بدوي ، أو مع ابن عربي في الشام ، أو مع الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق ، أو غيرهم ، أو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة ، أو مع الصديق أو مع (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 111) عمر ، أو مع البقيع فهذا كفر لا يجوز دعاء الأموات والاستغاثة بهم ، ولا دعاء الملائكة ، ولا دعاء الجن ، ولا النذر لهم ولا الذبح لهم ، ولا أن يتقرب إليهم ، يرجو نفعهم ودفع الضر منهم ، كل هذا شرك أكبر ، وكل هذا عمل الجاهلية ، وإذا اعتقد أنهم ينفعون ويضرون من دون الله صار شرك الربوبية أكبر وأعظم ، أعظم من شرك الجاهلية الأولى ، إذا اعتقد فيهم أنهم ينفعون من دون الله ويضرون ، وأن الله أعطاهم هذا يتصرفون في الكون صار هذا شركا في الربوبية ، أعظم من شرك أبي جهل وعباد الأوثان من قريش وغيرهم ، وهكذا إذا اعتقد في شجرة أو صنم ، واستغاث به أو نذر له أو اعتقد أنه ينفع ويضر ، كل هذا كفر أكبر ، نسأل الله العافية ، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وأن يتوب إلى الله مما قد وقع منه ، هذا الواجب على جميع من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، بل على جميع أهل الأرض كلهم ، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده ، وأن يشهدوا أنه لا إله إلا الله ، وأنه لا معبود بحق سواه ، ويشهدوا أن محمدا عبد الله ورسوله ، ويعبدوا الله وحده دون كل ما سواه ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، ويصوموا رمضان ، ويحجوا البيت ، وعليهم أن يمتثلوا أوامر الله كلها ، وينتهوا عن نواهيه سبحانه وتعالى ، هذا واجب على جميع أهل الأرض من جن وإنس ، اليهود (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 112) والنصارى ، أو الشيوعيين أو الوثنيين أو غيرهم ، يجب عليهم جميعا أن يعبدوا الله وأن يشهدوا له بالوحدانية سبحانه ، ولنبيه محمد بالرسالة ، وأن يصدقوا الله ورسوله في كل شيء ، وأن يصدقوا الرسل الماضين ، وأنهم جاءوا بالحق ، وأن يصدقوا بما أخبر الله به ورسوله عن الجنة والنار والآخرة ، وعما يكون في آخر الزمان ، إلى غير ذلك ، يجب على كل إنسان أن يعبد الله وأن يدخل في الإسلام ، وإذا كان مسلما فعليه أن يستقيم على الإسلام ، وعليه أن يحفظ إسلامه ، وأن يصونه عن أسباب الردة ، وأن يجتهد في ترك ما نهى الله عنه ، وفي فعل ما أمر الله به ، يرجو ثوابه ويخشى عقابه ، وفق الله الجميع .