ج : هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم رحمهم الله ، فمنهم من قال : إن المأموم ليس عليه قراءة الفاتحة . كما أخبرك هؤلاء الذين أخبروك ، وقالوا : إن عليه أن ينصت في حال الجهرية ، وأنه يتحمل عنه الإمام القراءة ، حتى في حال السرية . وبعض آخر من أهل العلم قالوا : إنه يقرأ في حال السر ، ولا يقرأ في حال الجهر ، بل يستمع وينصت (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 318) للآية الكريمة التي تلوت؛ وهي قوله تعالى : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ، ولحديث : إذا قرأ فأنصتوا والقول الثالث : أنه يلزمه أن يقرأ بالفاتحة في السرية والجهرية جميعا للحديث الذي ذكرت؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر : لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا : نعم . قال : لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وجماعة بإسناد جيد وله شواهد . وهذا القول أصح الأقوال الثلاثة؛ وهو أن المأموم يقرأ بالفاتحة في السرية والجهرية مع إمامه ، ثم ينصت ، ويكون هذا الحديث وما جاء في معناه مخصصا للآية الكريمة : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ، هي عامة والحديث (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 319) يخصها ، والقاعدة الشرعية : أن الخاص يقضي على العام ويخصه ، وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الحديث والآية ، الآية عامة والحديث بقراءة الفاتحة للمأموم خاص ، والخاص يحكم به على العام ، ويقضى به على العام ، فنصيحتي لك ولكل مسلم أن يقرأ خلف الإمام الفاتحة مطلقا في الجهرية والسرية ، ثم ينصت بعد قراءة الفاتحة لإمامه ، وإذا كان للإمام سكوت قرأ في حال السكوت ، وإن كان ما له سكوت قرأ ولو كان إمامه يقرأ ، وإذا فرغ من الفاتحة أنصت لإمامه ، وفق الله الجميع .