ج: في الحرم المكي المعروف عند أهل العلم أنه لا حرج فيه، وأنه لا يقطع الصلاة مادام في داخل المسجد، أما في بقية مكة فإنه يقطع؛ ولذا فإنه ينبغي أن تتخذ سترة، كما اتخذها النبي في الأبطح عليه الصلاة والسلام، أما في داخل المسجد فإن الزحمة والمشقة تمنع من اتخاذ السترة وهو معفو عنه في داخل المسجد، وكان ابن الزبير يصلي والناس يمرون أمامه. قد جاء في حديث فيه ضعف يدل على عدم السترة في الحرم ، وأنه لا حرج في ذلك، والذي عليه أهل العلم أنه لا حرج في ذلك، وهكذا في المسجد النبوي إذا كان فيه زحمة شديدة فالعلة واحدة فالزحمة لا يشترط فيها السترة، وأما إذا أمكنه أن يصلي إلى حائط، أو إلى عمود من العمد في المسجد النبوي فيفعل ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالسترة في الصلاة، وقال: " يقطع صلاة المرء كذا وكذا " فالمقصود أنه في المسجد النبوي يتخذ سترة إلى جدار أو إلى عمود، وقد أراد بعض الناس أن يمر بين يدي أبي سعيد في المسجد النبوي فمنعه رضي الله عنه وأرضاه، واحتج بالحديث إذا كان أحد يصلي بالناس وأراد أحد أن يمر بين يديه فليدفعه المقصود أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يمنع فيه المار، إلا إذا كان زحمة شديدة لا يستطاع، فإن هذا (الجزء رقم : 29، الصفحة رقم: 327) من باب قوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم وهكذا المسجد الحرام فيه حكم هذا، فإنه في الغالب مظنة الزحام وعدم القدرة على دفع المار؛ فلهذا رأى أهل العلم المسامحة في المسجد الحرام ؛ لأنه لا سيما أيام الحج في الغالب لا يستطاع دفع المار، وهو معفو عنه إن شاء الله، وأما المسجد النبوي فقد يكون فيه زحام وقد لا يكون فيه زحام، وإذا كان فيه زحام شديد فالأمر مثل ما في المسجد الحرام ، يعفى عنه لأجل المضرة والعجز وعدم القدرة.