ج : قد سبق في هذا البرنامج غير مرة بيان حكم المرور بين يدي المصلي ، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار ، والمرأة ، والكلب الأسود أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه ، وخرج معناه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، لكن بدون ذكر الأسود ، وأخرجه أيضا أبو داود والنسائي وجماعة من حديث ابن عباس مرفوعا ، وذكر فيه قيد المرأة بالحائض فتلخص من هذه الأحاديث (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 343) وما جاء في معناها أن الذي يقطع الصلاة واحد من هذه الثلاثة : المرأة البالغة وهي التي حاضت ، وهي التي بلغت الحلم بخلاف الصغيرة ، والحمار مطلقا بجميع أنواعه ، وهو الحمار الأهلي الذي يستعمله الناس سابقا في جذب الماء والركوب والتحميل ، والثالث الكلب الأسود ، قيل : يا رسول الله ، ما بال الأحمر والأصفر من الأسود ؟ قال : إن الكلب الأسود شيطان فدل هذا على أن ذلك مختص بهذه الثلاث ، وأنها إذا مرت بين المصلي وبين سترته قطعت عليه صلاته سواء كان نافلة أو فريضة ، إذا كان مرورها بين الرجل أو المرأة وبين السترة ، وأما إذا كان مرورها وراء السترة من أمامها من جهة القبلة فإنها لا تقطع ، إذا مرت هذه الثلاثة أمام السترة فإنها لا تقطع ، وإنما تقطع إذا كانت بينه وبين السترة من داخل فإنها تقطع عليه صلاته ، وهكذا لو مرت بعيدة إذا كان ما عنده سترة ، مرت بعيدة عنه فوق ثلاثة أذرع من قدمه فإنها لا تقطع وإنما تقطع في حدود ثلاثة أذرع فأقل من قدم المصلي إذا لم يكن لديه سترة ، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم ، وفي المسألة خلاف لبعض أهل العلم يقول : إنها لا تقطع إنما تقطع الكمال فقط ، والصلاة (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 344) صحيحة لكنه قول ضعيف ، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم واضح في أنها تقطع ، والأصل أنها تقطع أي تبطل هذا هو الصواب ، وهذا هو المعتمد ، أما في حال الزحام الذي لا حيلة للمصلي كما يقع في المسجد الحرام فإنها لا تقطع مرور المرأة في المسجد الحرام بين الناس في المطاف وغيره ، لا تقطع عند عامة أهل العلم ، وحكاه بعض أهل العلم إجماعا ؛ لأن التحرز من ذلك فيه صعوبة ، وغير ممكن في الأغلب ، وهذا من رحمة الله عز وجل أن مرور النساء في المسجد الحرام وفي المطاف أو في غيره لا يقطع ، هذا هو الصواب ، وقد حكاه بعض أهل العلم إجماعا ، والحكمة في ذلك واضحة ، وهي أن التحرز من ذلك متعسر أو متعذر ، فمن رحمة الله أن رفع هذا الحكم ، وقد جاء في بعض الأحاديث التي فيها بعض المقال ، وفعل بعض الصحابة ذلك ، أن ابن الزبير يصلي والنساء أمامه في المطاف ولا يتأثر بذلك ، لعلمه بأنهن لا يقطعن ، والله ولي التوفيق .