ج: سجود السهو له أسباب، تارة تكون زيادة في الصلاة، وتارة تكون نقصا، وسجد النبي صلى الله عليه وسلم للسهو في عدة مسائل وقع فيها عليه الصلاة والسلام سهوا، سجد للسهو لما ترك التشهد الأول ناسيا وقام للثالثة، سجد سجدتين قبل أن يسلم وسجد لما سلم عن نقص، سلم من ثنتين ثم نبه وكمل الصلاة، ثم سجد للسهو بعد السلام سجدتين، وسلم من ثلاث فنبه ثم كمل صلاته، وسجد سجدتين للسهو بعد السلام، وزاد خامسة في بعض صلواته الرباعية فنبه بعد السلام وسجد سجدتين، وقال عليه الصلاة والسلام: إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني فسجود السهو يكون إما (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 371) بنقص وإما بزيادة كما سمعت، فإذا زاد ركعة أو ركوعا أو سجودا ساهيا فإنه ينبه، إذا كان إماما ينبهه المأمومون على سهوه، ويرجع إلى تنبيههم إذا لم يكن عنده يقين فيما فعل وعليه سجود السهو قبل السلام أو بعده، والأفضل قبل السلام في جميع صور السهو، إلا إذا كان سهوه عن نقص ركعة فأكثر فإن سجوده يكون بعد السلام أفضل، وهكذا إذا بنى على غالب ظنه فإنه يسجد للسهو بعد السلام أفضل؛ في حديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، وليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام، وبهذا يعلم أنه يشرع له سجود السهو، بل يجب عليه إذا فعل ما يبطل عمله في الصلاة؛ بزيادة أو نقص إذا فعله ساهيا، فإذا ترك سجدة من السجدات أو ركوعا أو ركعة أو أكثر فإنه ينبه كما تقدم، وعليه أن يرجع إلى الصواب ويكمل صلاته، ويسجد (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 372) للسهو قبل السلام إلا في حالتين؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر فإنه يسجد للسهو بعد السلام. والحال الثاني: إذا بنى على غالب ظنه وأتم الصلاة على غالب ظنه فإنه يكمل، ويسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام، أما إذا شك في صلاته وليس عنده ظن غالب فإنه يبني على اليقين، ثم يسجد سجود السهو سجدتين قبل أن يسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد : إذا شك أحدكم في صلاته فليبن على الأقل، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإذا شك هل صلى ثنتين أو ثلاثا يجعلها ثنتين، وإذا شك هل هي ثلاث أو أربع يجعلها ثلاثا ويكمل، في هذا حديث أبي سعيد : إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان خرجه مسلم في الصحيح. هذا هو المشروع، بل الواجب على المؤمن والمؤمنة عند السهو، إذا شك في صلاته، ولم يكن له غلبة ظن فإنه يبني على اليقين، يعني الأقل، (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 373) ويكمل صلاته على ذلك احتياطا للصلاة، فإذا شك هل سجد سجدة أو سجدتين؟ يجعلها سجدة، يأتي بالسجدة الثانية ويكمل صلاته، وإذا شك هل صلى ثنتين أو ثلاثا يجعلهما ثنتين ويكمل صلاته؛ لأن هذا هو اليقين، وهذا هو الاحتياط للصلاة، ثم إن كان في صلاة قد شك قبل السلام كبر وسجد سجدتين للسهو مثل سجود الصلاة، سجود السهو مثل سجود الصلاة سواء، يقول فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو فيها مثل سجود الصلاة سواء بسواء، ثم يسلم، أما إذا كان عنده غالب ظن؛ شك هل صلى ثنتين أو ثلاثا لكن الغالب أنها ثلاث يجعلها ثلاثا، ويكمل ويسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام، إلا إذا كان إماما ونبهه المأمومون فإنه يرجع إلى تنبيههم أوثق من ظنه، أما إذا سها عن شيء مستحب ليس بواجب فلا يلزمه سجود السهو، مثل: سها عن رفع اليدين عند الإحرام أو عند الركوع، أو سها وتورك في التشهد الأول، أو سها فافترش في التشهد الأخير في الرباعية أو الثلاثية، كل هذا لا يلزمه سجود السهو؛ لأنه ليس بواجب، وإن سجد فلا بأس في السهو.