ج: هذا شيء يتعلق بشريعة موسى حين أمره الله أن يخلع نعليه، ظاهره أن الوادي المقدس لا يطؤه بنعليه، ويحتمل أنهما نعلان فيهما شيء من القذر أو لأسباب أخرى، وقد أمر الله سبحانه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يخلع نعليه في الصلاة، فقد جاء جبرائيل وقد صف في الصلاة فكبر، فأمره أن يخلع نعليه، فخلعهما، فلما سلم قال للصحابة: إن جبرائيل أتاني أخبرني أن فيهما قذرا أو قال أذى فألقيتهما، فإذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر في نعليه، فإن رأى فيهما قذرا -أو قال أذى- فليمسحهما، وليصل فيهما وكان يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام، فشريعة موسى تخصه وليست شريعة لنا، قال تعالى: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا أما شريعتنا فإنها تبيح لنا الصلاة في النعلين والخفين كما صلى فيهما النبي صلى الله عليه وسلم، بل ذلك (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 355) سنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: خالفوا اليهود؛ فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم فالسنة لنا أن نخالف اليهود في ذلك، وأن نتبع محمدا صلى الله عليه وسلم في ذلك، وكان يصلي في نعليه، ولهذا يشرع لنا أن نصلي في نعلينا وخفينا إذا كانا نظيفين، فعلى المسلم عند إتيان المسجد أن يلاحظ نعليه وخفيه حتى لا يدخل بهما وبهما قذر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبره جبرائيل فخلعهما، وإذا كانا نظيفين وليس بهما شيء فلا حرج أن يصلي فيهما في المسجد، إذا كان حصباء أو ترابا، أما إذا كان مفروشا فلا بأس، لكن إذا خلعهما احتياطا لئلا يكون فيهما تراب كثير يوسخ المسجد أو يكدر المصلين فهذا حسن، وليس بلازم، وأما الخفان فلا، إذا كان قد مسح عليهما لا يخلعهما، يصلي فيهما؛ لأنه إذا خلعهما بطل الوضوء، فإذا كان عليه خفان قد مسح عليهما للطهارة فلا يخلعهما بل يصلي فيهما، لكن لا يدخل حتى ينظر فيهما ويزيل ما بهما من أذى إن كان هناك أذى حتى لا يدخل بهما إلا وهما نظيفان، أما النعل فأمرها أسهل، فيمكن خلعها (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 356) لأن النعل لا يمسح عليها، فإذا جاء على الطهارة وعليه نعلان إن شاء خلعهما في المساجد المفروشة، وإن شاء تركهما، وإن خلعهما من أجل مراعاة الناس لئلا يستنكروا منه، أو لئلا يتكلموا عليه أو لئلا يكون فيهما تراب يوسخ الفرش من باب التحري في الخير، ومن باب البعد عن التشويش فذاك حسن، وإلا فالأصل مع من قال بالصلاة بهما ولو كان المسجد مفروشا، إذا كانت النعلان نظيفتين فلا بأس بذلك؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولقوله عليه السلام ولكن مراعاة للناس اليوم في المساجد المفروشة، إذا راعى الناس وخلعهما خوفا أن يكون هناك تراب أو أوساخ ما فطن لها أو أن الناس يستنكرون منه ذلك، وربما تكلموا عليه وجهلوه جهلا منهم، فاتقى القالة وجعلهما في مكان آخر فهذا لا بأس به إن شاء الله مراعاة لأمور الناس اليوم، واتقاء لما يقع من بعضهم من الجهل والكلام الذي لا يناسب، والله أعلم.