ج : المدة التي يقيمها الإنسان في سفره تنقسم قسمين : مدة هو يحددها ، ومدة لا يحددها ، فأما المدة التي لا يحددها فهي أن يكون له حاجة في البلد لا يدري متى تنقضي ، مثل طلب الإنسان ، فإذا التمس إنسانا لعله يجده ، مثل حق له على إنسان يطلبه منه ، مثل خصومة يريد إنجازها ، وما أشبه ذلك ، ليس لها مدة معلومة بل مهمتها مثل هذه الحاجة ، ولو في يوم واحد أو يومين ، هذا يقصر مدة بقائه ومدة إقامته ، لأنه ليس له أمد (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 36) محدود ، هذا لا يزال يقصر حتى ينتهي . أما الحالة الثانية فهي حالة الإنسان إذا علم أن الأيام معلومة قد حددها ، قال : أقيم عشرة أيام ، عشرين يوما ، أربعين يوما ، أربعة أيام ، خمسة أيام ، هذه اختلف فيها أهل العلم ، فمنهم من قال : تحدد بثلاثة أيام أو محددة بأربعة أيام ، أو محددة بخمسة عشر يوما ، وقيل : بعشرين يوما . والأحوط في هذا أربعة أيام ، إذا نوى أكثر من أربعة أيام أتم ، والحجة في هذا إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ؛ لأنه أقام أربعة أيام ، لأنه صبح مكة اليوم الرابع صباحا ، وأقام اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع ، ثم توجه إلى منى وعرفات اليوم الثامن ، قال العلماء : هذه أربعة أيام قد عزم على إقامتها ، فيقصر فيها الصلاة كما قصر النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا نوى أكثر من ذلك أتم ، لأن الأصل هو الإتمام ، الواجب هو إتمام الصلاة . فقد شرع الله القصر في السفر ، فهذه إقامة ليست سفرا ، فيتم فيها بخلاف الأربعة أيام فأقل فإنها في حكم السفر كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، ولعل هذا أحوط إن شاء الله وأقرب .