ج : يعمل بقوله سبحانه: فاتقوا الله ما استطعتم وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم فإذا كان أصابه الشلل وأفقده القيام فإنه يصلي على حسب حاله ، يصلي (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 449) قاعدا ، ويركع ويسجد إذا استطاع ذلك وهو قاعد ، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين : صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب أخرجه البخاري رحمه الله في الصحيح ، وأخرجه النسائي بزيادة: فإن لم تستطع فمستلقيا هذا هو الواجب ، فاتقوا الله ما استطعتم وإذا عجز عن الماء تعفر بالتراب ، تيمم ، إذا كان معه مرض يضره الماء تعفر بالتراب ، يحضر له التراب ، ويضرب التراب بيديه ، ويمسح به وجهه وكفيه عند الحاجة ، وله الجمع إذا شق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها ، فله الجمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء كسائر المرضى . أما ما يتعلق بالحاجة بالدبر والقبل فهذا يكفيه مسحها بالمناديل ونحوها ، ولا حاجة إلى الماء ، فإن استعمل الماء وقدر على الماء فلا بأس ، الماء أكمل وأفضل ، فإذا لم يتيسر له ذلك فإنه يستعمل الاستجمار بالمناديل ، أو بالحجارة ، أو باللبن ، والمناديل أرفق به ، فيستعمل المناديل الخشنة الطاهرة ، يمسح بها الدبر والذكر عن البول وعن الغائط ثلاث مرات ، فإن لم تكف زاد رابعة وخامسة إلى (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 450) آخره ، والأفضل أن يقطع على وتر ، إذا زاد رابعة وكفت يستحب أن يزيدها خامسة حتى يكون استجماره على وتر ، وإذا لم تكف الخامسة زاد سادسة ، وإذا كفت السادسة يستحب أن يزيد سابعة حتى يقطع على وتر ، والمهم أنه يستعمل من المناديل ونحوها ما يزيل الأذى بشرط أن يكون ثلاثا فأكثر ، لا ينقص عن ثلاث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يستجمر بأقل من ثلاث ، فإن كفت الثلاث في إزالة الأذى عن الدبر والقبل فالحمد لله ، وإن لم تكف زاد حتى يزول الأذى ، والأفضل أن يقطع على وتر خمسا أو سبعا وهكذا ، ولا حاجة إلى الماء ، حتى ولو قدر على الماء الاستجمار يكفيه ، لكن الماء أفضل ، فإن جمع بينهما - يعني استطاع أن يجمع بينهما - فزال الأذى بالمنديل أو بالحجر ثم استنجى بالماء هذا خير إلى خير ، هذا أكمل وأفضل ، ولكن كل واحد منهما يكفي ، الماء وحده يكفي ، والاستجمار وحده يكفي حتى من الصحيح ، يعني الذي لا مرض معه . أما كونه لا يستطيع البقاء على وضوء وليس لديه الوقت الكافي لأداء الصلاة ، فإن عليه أن يتقي الله ما استطاع ، يتوضأ لكل صلاة ، فإذا كان معه سلس لما أصابه الشلل ، انطلق الدبر ، أو انطلق الذكر ، وصار لا يستطيع إمساكه فإنه يصلي على حسب حاله ، لكن يتوضأ لوقت كل صلاة ، إذا (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 451) دخل وقت الظهر يستنجي ويتوضأ وضوء الصلاة أو يتيمم على حسب طاقته ، ثم يجمع بين الصلاتين ، وهكذا المغرب والعشاء . إذا شق عليه من أجل المرض وإن كان ما شق عليه فإنه يصلي كل صلاة في وقتها مثل المستحاضة وصاحب السلس ، الحال واحد ، العاجز عن الجماعة ، حضور الجماعة مثله يصلي جمعا إذا شق عليه كل صلاة في وقتها ، وهو أرفق به ، وإن صلى كل صلاة في وقتها فلا بأس ، أما الرجل الذي لا يصلي مع الجماعة إذا كان يستطيع فلا بد أن يصلي مع الجماعة ، ويتوضأ لوقت كل صلاة . بالنسبة لقراءة القرآن فإنه إذا توضأ يقرأ القرآن من المصحف إلى الوقت الآخر ، ما بين الوقتين يقرأ القرآن ، وإن انتقض الوضوء ، إذا كان صاحب سلس مستمر ، إذا توضأ للظهر يقرأ إلى العصر ، إذا توضأ للمغرب يقرأ إلى العشاء ، كما يصلي لو تطوع بين الظهر والعصر ، وتطوع بين المغرب والعشاء ولو خرج معه البول؛ لأنه عاجز ، فهو مثل المستحاضة سواء بسواء ، يصلي ويقرأ ما بين الوقتين ، وهذا يسر من الله سبحانه بعباده ، يقول جل وعلا في كتابه العظيم: يريد الله بكم اليسر (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 452) ويقول عز وجل: وما جعل عليكم في الدين من حرج فمن رحمة الله سبحانه وتعالى أن صاحب السلس - وهو البول الدائم - أو الريح الدائمة ، وهكذا المستحاضة التي معها الدم الدائم ما يقف عنها وهو غير دم الحيض ، الدم الدائم يقال له: الاستحاضة ، هؤلاء وأشباههم لهم الجمع بين الصلاتين ، ويكفيهم الوضوء لوقت كل صلاة ، وهذا من تيسير الله ، وإذا دخل وقت الظهر يتوضأ لوقت الظهر ، ويتوضأ لوقت العصر وهكذا المغرب والعشاء ، يعني كل صلاة يتوضأ لوقتها؛ لأن حدثه دائم ، سلس أو ريح أو استحاضة أو نحو ذلك ، وما بين الوقتين يصلي فيه ما شاء ، ويقرأ القرآن ويطوف إذا نزل مكة ، ولا حرج في ذلك لأنه معذور وصار في حكم الطاهرين والطاهرات ما بين الوقتين؛ لأن الرسول أمر المستحاضة بذلك في قصة حمنة وغيرها . وكذلك ما يتعلق بالصوم يفطر ويقضي بعد ذلك ، المريض إذا عجز عن الصوم وشق عليه المرض ، هذا من يسر الشريعة ، وهكذا المسافر يفطر في السفر ويقضي بعد ذلك ، كل هذا من لطف الله ، وهكذا المرضع إذا شق عليها الصيام والحامل إذا شق عليها الصيام أفطرتا وقضتا بعد (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 453) ذلك .