ج : هذا المسجد إذا كان على ما ذكرت ليس في الصلاة فيه بأس ، لا حرج أن يصلى فيه الجمعة وغير الجمعة ، وكون قبور هناك شماله وخلفه لا يمنع من ذلك ، ولكن الواجب على أهل العلم وعلى أخيار القرية أن ينكروا على الناس عملهم مع القبور من الشرك بالله والاستعانة بأهلها ودعائهم من دون الله والطواف بها ، كل هذا من المحرمات العظيمة بل من الشرك الأكبر ، سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر من عمل الجاهلية ، من عمل أبي جهل وأشباهه ، وهكذا الطواف بالقبور يتقرب إليهم بالطواف ، هذا من الشرك الأكبر ، أما إن كان يظن أن الطواف بالقبور عبادة لله لا يتقرب بها إلى القبر فهو بدعة ومنكر ، ومن وسائل الشرك ، لأن الطواف إنما يكون بالبيت العتيق بالكعبة ، الطواف بالقبور إذا كان لقصد التقرب إلى أهلها كان شركا أكبر ، وإن كان القصد التقرب إلى الله ، يظن أنها قربة هنا فهذا كله بدعة ومنكر وباطل ، لأن الطواف من خصائص البيت العتيق ، يقول سبحانه : وليطوفوا بالبيت العتيق المقصود أنه لا يجوز الطواف بالقبور وإنما الطواف يكون بالبيت العتيق كما قال الله سبحانه : ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق والواجب على أهل العلم أينما (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 190) كانوا أن يعلموا الناس ويرشدوهم ولا سيما في السودان وفي غيرها من البلاد التي فيها القبور التي تعبد من دون الله ، يجب على أهل العلم أن يعلموهم وأن ينكروا عليهم هذا الشرك العظيم . وهكذا المساجد التي تبنى على القبور لا تجوز بل يجب هدمها وإزالتها ، القبور يجب أن تكون ضاحية شامسة ليس فوقها بناء ، لا قبور ولا غيرها ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ولما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما عن كنائس في الحبشة وما فيها من الصور قال عليه الصلاة والسلام : أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ، وصوروا تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله فأخبر أنهم شرار الخلق لأنهم بنوا على القبور ، واتخذوا عليها الصور ، وهذا من وسائل العبادة ، من وسائل عبادتها من دون الله والشرك بها ، فلهذا بين عليه الصلاة والسلام أنهم شرار الخلق ، وصح عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها رواه مسلم في الصحيح . (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 191) فلا يجوز أن يبني على القبور لا مساجد ولا قباب ولا غيرها ، ولا أن تجصص ولا أن تدعى من دون الله ، ولا أن يستغاث بأهلها ، بل يجب الحذر من ذلك ، إنما تزار الزيارة الشرعية بالسلام على أهلها والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة ، فأما البناء عليها أو اتخاذ المساجد عليها أو القباب فهذا كله منكر ومن وسائل الشرك . وأما دعاءها والاستغاثة بأهلها وطلبهم المدد فهذا من الشرك الأكبر ، إذا قال : يا فلان ، يا سيدي فلان ، المدد المدد ، الغوث الغوث ، هذا من الشرك الأكبر - نعوذ بالله - كما يفعل ذلك عند بعض القبور ، كقبر البدوي والحسين في مصر ، والشيخ عبد القادر في العراق وغيرها من القبور التي يعبدها الجهلة ، فالواجب على أهل العلم أينما كانوا بيان هذا للناس وتحذيرهم من الشرك ، والله أخذ على العلماء العهد والميثاق أن يبينوا للناس ، وأن ينذروهم ويعلموهم ، والواجب على العامة أن يسألوا وأن يتبصروا ويتفقهوا في الدين ، ولا يغتروا بعادات الآباء والأجداد ، الله سبحانه ذم المشركين لما احتجوا بآبائهم حيث قال الله عنهم : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ذمهم على هذه الحال ، والواجب على المسلم أن يتبصر في دينه ويتفقه في دينه ، يتعلم ، يتبصر ، يسأل أهل العلم (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 192) ولا يحتج بعادات الجاهلية ، ولا بعادات الآباء والأجداد التي تخالف شرع الله سبحانه وتعالى ، نسأل الله للجميع الهداية .