ج : قد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم الأوقات التي تمنع فيها الصلاة ، وهي خمسة على سبيل الإيضاح : الأول : ما بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، هذا وقت نهي ، لا يفعل فيه إلا صلاة الفجر ، وسنة الفجر ركعتان قبلها ، فإن فاتت قبلها صلاها بعدها وهذا هو الوقت الأول . الوقت الثاني : من طلوع الشمس إلى ارتفاعها قيد رمح ، وهذا وقت مضيق لا تجوز فيه الصلاة ؛ لأنه وقت نهي ، وحينئذ يسجد الكفار للشمس ، عباد الشمس يسجدون لها عند طلوعها . (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 11) والوقت الثالث : عند قيام الشمس ؛ يعني عند وقوفها قبل الزوال في وسط النهار ، وهو وقت قصير ، فإن الشمس سائرة ولكن عند توسطها في السماء يسمى وقوفا ، وهذا الوقت وقت قصير لا يصلى فيه حتى تميل إلى الغرب ، تميل إلى جهة الغرب . الرابع : بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس . الخامس : بعد اصفرارها إلى أن تغيب . هذه خمسة أوقات لا يصلى فيها . لكن يستثنى من ذلك على الصحيح ذوات الأسباب من الصلوات ، فإنها تصلى في هذه الأوقات ، وهي صلاة الطواف ، لو طاف بعد العصر ، أو طاف بعد الصبح ، أو طاف بعد أذان الفجر فإنه يصلي سنة الطواف ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : يا بني عبد مناف ، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار هذا مستثنى من أوقات النهي وأيضا تحية المسجد ، لو دخل الإنسان المسجد يريد أن يجلس فيه عند الغروب ، أو دخله بعد صلاة الصبح يريد أن يجلس فيه إلى طلوع الشمس فإن (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 12) السنة أن يصلي ركعتين تحية المسجد ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ولأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دخل المسجد وهو يخطب الجمعة عليه الصلاة والسلام أمره أن يقوم فيصلي ركعتين ، فلولا أنها متأكدة لما أمره أن يصلي في هذه الحالة بأن يقوم ويصلي ركعتين ، وقال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ومنها صلاة الكسوف ، لو كسفت الشمس بعد العصر أو عند طلوع الشمس شرعت صلاة الكسوف ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا وفي اللفظ الآخر : فافزعوا إلى الصلاة فهذا يعم (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 13) أوقات النهي وغيرها . ومنها سنة الوضوء ، إذا توضأ فإنه يشرع له أن يصلي ركعتين لصحة الأحاديث في ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه متفق على صحته . فهذه الصلوات التي لها أسباب لا مانع من فعلها في أوقات النهي ، وهي مستثناة ومخصوصة من أدلة النهي ، والله ولي التوفيق . وكذلك قضاء الفوائت ، مثلا لو نام عن الظهر والعصر فإنه يصليهما في وقت العصر ولو بعد الصلاة ، وكذلك لو تذكر صلاة عليه بعد العصر صلاها بعد العصر ، أو تذكرها بعد الصبح صلاها بعد الصبح ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها فهي مستثناة أيضا من أوقات النهي .