ج : التهجد يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل ، كله تهجد ، والأفضل آخر الليل لمن يتيسر له ذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل ، فإن صلاة آخر الليل مشهودة ، وذلك أفضل رواه مسلم في الصحيح ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه قال : هي أحب الصلاة وقال عليه الصلاة والسلام : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 33) الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ متفق على صحته ، هذا يدل على مشروعية القيام آخر الليل ، وأنه أفضل ، وأنه مظنة الاستجابة ، يقول الرب : من يدعوني فأستجيب له ؟ وهكذا ، جوف الليل ، صلاة داود ، الثلث الرابع والخامس ، كلها مظنة الإجابة ، وكلها محل فضل بالصلاة والتهجد ، وذلك أفضل من أول الليل ، لكن من كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل فإنه يشرع له الإيتار في أول الليل ، بعد صلاة العشاء قبل أن ينام ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة هذا نزول يليق بالله ، لا يكيف ، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى ، يوصف جل وعلا بالنزول ، والاستواء على العرش والكلام والإرادة والمشيئة ، والسمع والبصر ، وغير هذا من الصفات الواردة في القرآن العظيم والسنة الصحيحة ، فيجب وصفه بها سبحانه على الوجه اللائق به جل وعلا ، من غير تشبيه له بخلقه ، كما قال سبحانه وتعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقال سبحانه وتعالى : قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد ، (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 34) وقال سبحانه : فلا تضربوا لله الأمثال ، فالله جل وعلا لا مثيل له ، ولا كفو له ، ولا شبيه له ، سبحانه وتعالى ، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ، وهو ينزل نزولا يليق بجلاله ، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى ، إلى السماء الدنيا آخر الليل في الثلث الأخير ، يقول جل وعلا : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ فمن تيسر له القيام آخر الليل فهو أفضل ، ومن لم يتيسر له ذلك فليوتر في أول الليل ، وأقل ذلك ركعة واحدة ، يوتر فيها في أول الليل ، أو في آخره ، فكلما زاد فهو أفضل ، يسلم من كل ثنتين ؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : صلاة الليل مثنى مثنى أي ثنتين ثنتين فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة ، توتر له ما قد صلى يعني المتهجد بالليل يصلي ثنتين ثنتين ، يسلم من كل ثنتين ، ثم يوتر بواحدة يقرأ فيها ( الحمد ) و ( قل هو الله أحد ) هذا هو السنة ، وأفضل ذلك إحدى عشرة ، أو ثلاث عشرة ؛ لأن هذا هو (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 35) وتر النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب ، كان وتره في الغالب إحدى عشرة ، أو ثلاث عشرة عليه الصلاة والسلام ، ومن شاء أوتر بأكثر من هذا فلا بأس ، ليس له حد محدود ، ولو أوتر بخمسين أو ستين أو مائة ، يسلم من كل ثنتين فلا بأس ، ويوتر بواحدة ، لكن كونه يوتر بإحدى عشرة ، أو ثلاث عشرة هذا هو الأفضل ، وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع كله طيب ، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين ، فإن سرد ثلاثا وأوتر بها ، أو خمسا وأوتر فيها سردا لم يجلس فيها فلا بأس ، قد ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا لو سرد سبعا لم يجلس إلا في آخرها فلا بأس ، وإن جلس في السادسة ، وأتى بالتشهد الأول ، ثم قام وأتى بالسابعة كذلك ، ورد هذا وهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، سرد السبع في بعض الأحيان ، وفي بعض الأحيان جلس في السادسة وتشهد ، ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالسابعة ، وهكذا سرد تسعا جلس في الثامنة للتشهد الأول ، ثم قام وأتى بالتاسعة ، ولكن الأفضل هو ما كان يغلب عليه فعله ، عليه الصلاة والسلام ، وهو أن يسلم من كل ثنتين ، هذا هو الأفضل ، وهو موافق لقوله صلى الله عليه وسلم : صلاة الليل مثنى مثنى أي ثنتين ثنتين ، يسلم من كل ثنتين ، وفق الله الجميع . (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 36)