ج : صلاة النهار في الضحى وقبل الظهر كله وقت صلاة بعد ارتفاع الشمس قيد رمح ، نحو ربع ساعة بعد طلوع الشمس إلى زوالها ، إلى وقوف الشمس قبل الظهر بنحو ثلث ساعة أو ربع ساعة ، لأن وقوف الشمس وقته قصير ، وتوسطها كبد السماء قبل أن تميل إلى المغرب ، هذا يقال له : وقت الوقوف ، وقت نهي ، والضحى كله وقت صلاة ، والأفضل عند شدة الضحى ، إذا اشتد الضحى يكون أفضل ، قبل الظهر بساعة ونصف ، ساعتين هذا أفضل ما يكون لصلاة الضحى وإذا صلى بعد العشاء إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل كان هذا أفضل ، النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأوصى أبا الدرداء بالإيتار قبل النوم والظاهر - والله أعلم - أنهما كانا يخشيان ألا يقوما من آخر الليل ، لأنهما يدرسان الحديث في أول الليل ، وإذا أوتر الإنسان أول الليل فهو أفضل إذا خاف ألا يقوم من آخر الليل ، أما إذا طمع أن يقوم آخر الليل ووثق من نفسه أنه يقوم فالوتر في آخر الليل أفضل ، كونه يؤخره إلى آخر الليل هذا هو الأفضل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ، ومن طمع أن يقوم آخر (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 417) الليل فليوتر آخر الليل ؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل رواه مسلم في صحيحه . ولقوله صلى الله عليه وسلم : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له وفي اللفظ الآخر يقول جل وعلا : هل من تائب فيتاب عليه ، هل من سائل فيعطى سؤله ، هل من مستغفر فيغفر له ، حتى ينفجر الفجر وهذا حديث عظيم متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو نزول الرب جل وعلا آخر الليل في الثلث الأخير ، فينبغي لك يا عبد الله أن تكون ممن يعبد الله في هذا الوقت بالصلاة والاستغفار وقراءة القرآن والذكر ، وقت عظيم ، الثلث الأخير . وهكذا جوف الليل في السدس الرابع كان يقومه داود ، يقوم نصف الليل ، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه ، يقوم السدس الرابع ، والسدس الخامس ، وهذا وقت عظيم أيضا ، جمع بين جوف الليل وبين أوله والثلث الأخير والله سبحانه رغب عباده في العبادة في هذا الوقت (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 418) والدعاء والضراعة إليه جل وعلا ، فجدير بأهل الإيمان من الرجال والنساء أن يتحروا هذا الوقت ، وأن يجتهدوا في قيام الليل ولا سيما في السدس الرابع والخامس ، وفي جميع الثلث الأخير بالدعاء والضراعة ، والصلاة والقراءة ، والاستغفار ، كما أرشد إليه سبحانه وتعالى ، وهذا النزول يليق بجلال الله ، ليس من جنس نزول المخلوقين ، بل هو نزول يليق بالله لا يشابه خلقه في نزوله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقال سبحانه : ولم يكن له كفوا أحد وقال عز وجل : فلا تضربوا لله الأمثال فنزوله يليق به ، لا يشابه خلقه ، وهكذا الاستواء على عرشه ، وهكذا رحمته وغضبه وضحكه ، كله يليق بالله ، لا يشابه خلقه سبحانه وتعالى ، وهكذا جميع الصفات كلها تليق بالله ، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى عملا بقوله جل وعلا : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وهذا قول أهل السنة والجماعة وقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان ، فالزمه يا عبد الله ، الزم هذا القول الذي قال به (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 419) الصحابة وعلماء السلف ، واحذر أقوال المرجئة المحرفين لكتاب الله ، أو المؤولين لصفات الله ، أو المشبهين الله بخلقه ، احذر أقوالهم ، وكلها باطلة ، والحق قول أهل السنة والجماعة ، وهو قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان ، وهو قول الأنبياء والرسل جميعا ، وهو الإيمان بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن العظيم والسنة المطهرة الصحيحة ، وإمرارها كما جاءت بغير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تشبيه ولا تمثيل ، بل يجب أن نؤمن بها كما جاءت ونمرها كما جاءت مع الإيمان بها أنها حق ، وأن نزوله سبحانه حق ، وأن استواءه حق ، وأن رحمته حق ، وأن غضبه حق ، وأن رضاه حق ، وأن رأفته حق ، وهكذا بقية الصفات ، من يد وقدم وسمع وبصر ، وعلمه وكذلك كلها حق كلها صفات تليق بالله ، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى ، فكلامه ليس من جنس كلام خلقه ، وغضبه ليس من جنس غضبهم ، وضحكه ليس من جنس ضحكهم ، ورضاه ليس من جنس رضاهم وهكذا . كل صفاته تليق به سبحانه وتعالى ، لا يشابه فيها خلقه ، لا يعرف كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى ، قال بعض الناس لمالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه ، الإمام المشهور والعالم العظيم رحمه الله ، قال له بعض (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 420) الناس : يا أبا عبد الله ، يقول الله سبحانه : الرحمن على العرش استوى فكيف الاستواء . قال : "الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة" فالسؤال عن الكيفية بدعة ، الاستواء معلوم هو العلو ، الاستواء هو العلو فوق العرش ، العلو فوق العرش معلوم وكيف استوى؟ لا نعلم كيف استوى ، لا نعلم كيف يرضى ، ولا كيف يغضب ولا كيف ينزل ، لا نعلم هذا ، لكن نؤمن بأنه ينزل ، ينزل في كل ليلة في الثلث الأخير ، نعلم أنه استوى على العرش ، نعلم أنه يضحك ويرضى ويغضب ، لكن لا نعلم كيفية ذلك ، ولا نعلم حقيقة ذلك ، بل نقول كما قال سبحانه : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فله الكمال في صفاته ، ولا يعلم الناس كيفية صفاته ، هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة ، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير .