ج : الخلاف مشهور في القنوت ، بعض أهل العلم رأى أنه يستحب في صلاة الفجر دائما ، وبعض أهل العلم قال : لا يستحب إلا في النوازل ، إذا حدث حادث بأن قامت حرب ضد المسلمين يقنت المسلمون في الصلاة يدعون على العدو الذي حدث ضرره على المسلمين كما قنت النبي في النوازل ؛ فإنه قنت صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على رعل وذكوان ، فريق من العرب اعتدوا على بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام ، فالقنوت في النوازل سنة مشهورة معروفة . أما القنوت في الفجر دائما فالأفضل تركه ؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصديق وعمر وعثمان وعلي أنهم كانوا لا يقنتون في الفجر . قال سعد بن طارق الأشجعي : قلت لأبي : يا أبت ، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، أفكانوا يقنتون في الفجر ؟ فقال : أي بني ، محدث فهذا يدل على أن السنة تركه إلا من حادث ، إذا حدث حادث من الحوادث فهذا يقنت في النوازل ، أما الاستمرار فالأفضل تركه ، والأولى تركه لهذا الحديث الصحيح ، ومن قنت من الأئمة في الفجر كالشافعية وغيرهم ممن قنت في الفجر فقد احتجوا بأحاديث (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 231) وردت في ذلك أنه قنت في الصبح عليه الصلاة والسلام ، مثل حديث أنس وأنه داوم على ذلك ، ولكنها أحاديث ضعيفة ، التي فيها المداومة ضعيفة ، وإنما قنت في النوازل في الفجر وغيره عليه الصلاة والسلام ، وهذا هو المعتمد والأفضل ألا يقنت في الفجر إلا في النوازل ، وهكذا في المغرب والعشاء في النوازل ، وفي الظهر والعصر في النوازل . أما الدوام على قنوت الفجر فالأولى تركه ، الذي ينبغي تركه لحديث سعد بن طارق الذي سمعت ، وإذا صليت مع أناس يقنتون فلا حرج لأنهم قد تبعوا بعض الأئمة ، ولهم شبهات في بعض الأحاديث التي فيها ذكر القنوت ، فالأمر في هذا واسع إن شاء الله ، إلا أن تركه هو الأولى ، وهو الذي ينبغي عملا بالحديث الصحيح الذي سمعت وهو أنه محدث ، يعني الاستمرار ، أما فعله للنوازل فلا بأس ، ويعلمون أن هذا ليس تبديعا للشافعيين ولكن من باب تحري الأرجح من الأقوال ؛ لأن من قال : إنه بدعة ، احتج بحديث طارق بن أشيم الأشجعي . ومن زعم أنه سنة ومستحب احتج بأحاديث أخرى فيها ضعف ، والأخذ بالشيء الثابت الصحيح أولى وأحق عند أهل العلم مع عدم التشنيع على من قنت ، فإن هذه المسألة مسألة خفيفة لا ينبغي فيها التشنيع والنزاع ، وإنما يتحرى فيها الإنسان ما هو الأفضل والأقرب للسنة .