ج : إن الصلاة في الليل لم يحددها الشارع عليه الصلاة والسلام ، بل أطلقها للعباد ، وما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم شرع محترم ؛ لأنه ما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، كما قال الله عز وجل : والنجم إذا هوى (1) ما ضل صاحبكم وما غوى (2) وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى والمراد به نبينا عليه الصلاة والسلام ، وقد ثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة ، توتر له ما قد صلى (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 103) فلم يحدد عددا معلوما ، بل قال : صلاة الليل مثنى مثنى يعني ثنتين ثنتين ، فله أن يصلي عشرا ، وله أن يصلي مائة ، وله أن يصلي أكثر وأقل ، ثم يختم بركعة واحدة قبل الصبح ، لكن الأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة ، أو ثلاث عشرة ، تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام ؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في غالب أوقاته يوتر بإحدى عشرة ، وربما أوتر بثلاث عشرة ، وربما أوتر بأقل من ذلك ، عليه الصلاة والسلام ، فإذا فعل المؤمن كما فعل عليه الصلاة والسلام ، مع العناية بإطالة الركوع والسجود ، والقراءة فهذا أفضل ، وإن زاد وصلى عشرين ، كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، في عهد عمر مع الإيتار بثلاث ، الجميع ثلاث وعشرون ، أو صلى تسعا وأربعين ، أو ثلاثا وأربعين ، أو إحدى وأربعين ، أو أكثر أو أقل ، أو تسعا وتسعين ، أو مائة وواحدة أو أكثر من هذا ، كل ذلك لا حرج فيه ، فإنه يصلي ما يسر الله له ، ومن زعم أن الصلاة محدودة فقد غلط ، لا في رمضان ولا في غيره ، وليس لأحد أن يحدد شيئا ما شرعه الله ، فإن العبادات توقيفية ، ليس لأحد أن يحدد شيئا في الليل أو النهار بغير حجة شرعية ، قال الله جل وعلا لأهل (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 104) الكتاب لما قالوا : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ، قال لهم سبحانه : قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق على صحته ، وقال عليه الصلاة والسلام : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد أي مردود ، فمن قال : إن الصلاة في الليل لا يزاد فيها على إحدى عشرة ، أو على ثلاث عشرة ، أو أقل أو أكثر فليس عنده دليل ، بل هو غالط في ذلك ، لا يجوز تقليده ولا اتباعه في هذا الغلط ، ولكن للمؤمن أن يصلي ما يسر الله ، يصلي ثلاثا ، يصلى واحدة ، يصلي خمسا ، يصلى سبعا ، يصلي تسعا ، يصلي إحدى عشرة ، يصلى ثلاث عشرة ، يصلي غير ذلك ، كما قال عليه الصلاة والسلام : صلاة (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 105) الليل مثنى مثنى زاد أهل السنن : صلاة الليل والنهار ، بإسناد جيد : صلاة الليل والنهار مثنى مثنى وهكذا تعليم الصحابة رضي الله عنهم وهم أعلم الناس بعد الأنبياء ، قد صلوا ثلاثا وعشرين ، وصلوا أكثر من ذلك ، والأمر في هذا واسع ، ليس فيه تحديد ، هذا هو الحق ، وأنت أيها السائل الأفضل لك أن تصلي ثلاث عشرة أو إحدى عشرة بالركود والطمأنينة في الركوع والسجود ، وإطالة القراءة والتدبر ، هذا هو الأفضل ، وإن صليت أكثر أو أقل فلا حرج في ذلك ، والحمد لله .