ج: لا ريب أن صلاة التراويح قربة وعبادة عظيمة مشروعة، والنبي صلى الله عليه وسلم فعلها ليالي بالمسلمين ثم خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك وأرشدهم إلى الصلاة في البيوت ثم لما توفي صلى الله عليه وسلم وأفضت الخلافة إلى عمر بعد أبي بكر رضي الله عنهما ورأى الناس في المسجد يصلونها أوزاعا، هذا يصلي لنفسه، وهذا يصلي لرجلين، وهذا لأكثر، قال: لو جمعناهم على إمام واحد، فجمعهم على أبي بن كعب ، وصاروا يصلون جميعا، واحتج على ذلك بقوله عليه (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 319) الصلاة والسلام: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . واحتج أيضا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليالي، وقال: إن الوحي قد انقطع وزال الخوف من فرضيتها، فصلاها المسلمون جماعة في عهده صلى الله عليه وسلم ثم صلوها في عهد عمر واستمروا على ذلك. والأحاديث ترشد إلى ذلك، ولهذا جاء في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة . خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بأسانيد صحيحة فدل ذلك على شرعية القيام جماعة في رمضان، وأنه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، وفي ذلك مصالح كثيرة في اجتماع المسلمين على الخير واستماعهم لكتاب الله وما قد يقع من المواعظ والتذكير في هذه الليالي العظيمة، ويشرع للمسلمين في هذا الشهر العظيم دراسة القرآن الكريم ومدارسته في الليل والنهار تأسيا بالنبي - صلى الله عليه (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 320) وسلم - فإنه كان يدارس جبرائيل القرآن كل سنة في رمضان، ودارسه إياه في السنة الأخيرة مرتين، ولقصد القربة والتدبر لكتاب الله عز وجل والاستفادة منه والعمل به وهو من فعل السلف الصالح، فينبغي لأهل الإيمان من ذكور وإناث أن يشتغلوا بالقرآن الكريم تلاوة وتدبرا وتعقلا ومراجعة لكتب التفسير للاستفادة والعلم.