مسألة في بيان فضل كثرة السجود

فتاوى نور على الدرب

402

س : ما حكم صلاة السجود في الليل ؟ نرجو الإفادة عن ذلك

ج : هذا السؤال فيه إجمال ، وهو ما حكم صلاة السجود في الليل ؟ يحتمل أن مراده بذلك يعني : ما حكم الصلاة التي يكثر فيها السجود ، ولا تطول فيها القراءة ؟ ويحتمل أنه أراد معنى آخر لم أفهمه ، فإن كان يسأل عن الأول فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على شرعية الإكثار من الصلوات ، وأنها من أسباب دخول الجنة ، وأن العبد ما سجد سجدة إلا رفعه الله بها درجة ، وفي حديث ربيعة بن كعب الأسلمي قال : قلت يا رسول الله ، لما قال الرسول : " سل " ، وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أسألك مرافقتك في الجنة . فقال : " أعني على نفسك بكثرة السجود يعني بكثرة الصلاة ، فكثرة الصلاة (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 99) يلزم منها كثرة السجود ، والسجود فيه خشوع لله ، وتعظيم لله عز وجل ، ومن أسباب رفع الدرجات وحط الخطيئات ، ومن أسباب دخول الجنة والنجاة من النار ، ومن أسباب حصول الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه إذا كان موحدا مسلما ، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم يعني حريا أن يستجاب لكم ، رواه مسلم في الصحيح ، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا من الدعاء هذا يدل على أن السجود له شأن ، وأن العبد أقرب ما يكون من ربه في حال السجود ، ولأن السجود حالة خضوع ، وحالة ذل لله ، وانكسار بين يديه سبحانه وتعالى ، يضع وجهه الذي هو أشرف أعضائه بظاهره يضعه في الأرض خاضعا لربه مطمئنا خاشعا يرجو ثوابه ويخشى عقابه ، وفي هذه الحالة يظهر الذل والانكسار ، وهو أقرب ما يكون من الله جل وعلا ، ولهذا قال (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 100) عليه الصلاة والسلام : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء فدل ذلك على أن الدعاء في السجود مطلوب ، وأن صاحبه حري بالإجابة ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ثوبان : عليك بكثرة السجود لله ، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة فينبغي الإكثار من الصلوات في الليل وفي النهار ، كالضحى والظهر ، وفي الليل بين العشاءين ، وبعد العشاء ، وفي جوف الليل ، وفي آخر الليل ، كل هذه أوقات عظيمة ، ينبغي فيها الإكثار من الصلاة ، ولا سيما في الليل ، فإن الليل الصلاة فيه أفضل من الصلاة في النهار ، أقرب إلى الخشوع وهدوء القلب ، كما يقول جل وعلا : إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ، الصلاة في الليل لها شأن ، والإنسان فيها أقرب ما يكون للخشوع ، والذل بين يدي الله ، ولا سيما في جوف الليل ، وفي آخر الليل ، فينبغي الإكثار من الصلوات في الليل وفي النهار ، ويختمها في الليل بالوتر ، إذا صلى ما كتب الله له من الصلوات ختمها بالوتر ، وأفضل ما يكون إحدى عشرة ركعة ، وثلاث (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 101) عشرة ركعة ؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن صلى أقل من ذلك خمسا أو سبعا فلا بأس ، النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنوع في صلاته ، إما أوتر بخمس ، وإما أوتر بسبع ، وإما أوتر بتسع ، وإما أوتر بإحدى عشرة وهو الأغلب ، وإما أوتر بثلاث عشرة ، فالأمر في هذا واسع ، وإن صلى في الليل عشرين ركعة ، أو ثلاثين ركعة ، أو أربعين ركعة ، أو مائة ركعة وختمها بالوتر كل هذا لا بأس به ، النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صلاة الليل ، فقال : مثنى مثنى فلم يحدد حدا ، عليه الصلاة والسلام ، ما قال : عشرا ولا عشرين ، بل أطلق ، فالإنسان يصلي في الليل ما بدا له ، ولو مائة ركعة ، لكن من دون مشقة على نفسه ، مع الرفق بنفسه ، ومع الطمأنينة وعدم العجلة ، ثم يختم بالوتر ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة ، توتر له ما قد صلى فيصلي ما كتب الله له في الليل ، ولا يسهر ، بل ينام ويصلي هذه السنة حتى لا يتعب في النهار ، وحتى يتفرغ لأعماله النهارية ، وعباداته النهارية ، ويصلي ما كتب الله له في الليل ، في أول الليل ، أو في جوفه ، أو في آخره ، وأخره أفضل (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 102) إذا تيسر ثم يوتر بواحدة ركعة واحدة ، هذا هو الأفضل .






كلمات دليلية:




مكانة الصلاة وحكمها