ج : صلاة الليل ليس لها عدد محصور ، ولو صلى مائة ركعة أوتر بواحدة ، أو أكثر من ذلك لا بأس بذلك ، ليس لها عدد محصور ، الله جل وعلا ندب إلى صلاة الليل ، وحث عليها سبحانه وتعالى في كتابه العظيم ، قال جل وعلا : يا أيها المزمل (1) قم الليل إلا قليلا (2) نصفه أو انقص منه قليلا (3) أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ، وقال سبحانه وتعالى في وصف عباده المتقين : كانوا قليلا من الليل ما يهجعون (17) وبالأسحار هم يستغفرون ، وقال عن عباد الرحمن : والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ، لكن الأفضل أن يوتر بمثل ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إحدى عشرة ، أو ثلاث عشرة ، يسلم من كل ثنتين ، ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل ، وإن أوتر بأكثر من ذلك ، بعشرين أو بأربعين ، أو بأكثر من ذلك ، وختم بواحدة فلا بأس بذلك ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة هذا يدل (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 53) على أن صلاة الليل ليس لها حد ، ولهذا قال : صلاة الليل مثنى مثنى ولم يحد بحد ، عشر أو أكثر أو أقل ، قال : فإذا خشي أحدكم الصبح فليصل ركعة واحدة توتر له ما قد صلى ، هذا هو المشروع في هذا الباب ، ثم وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ، بعد صلاة العشاء ، والسنة الراتبة إلى طلوع الفجر ، كله محل التهجد بالليل ، وأفضل ذلك آخر الليل ، الثلث الأخير ، هذا أفضل ذلك ، وإن أوتر في أول الليل أو في وسطه فلا بأس ، قد فعل النبي هذا كله ، قد أوتر في أول الليل عليه الصلاة والسلام ، وأوتر من وسطه ، وأوتر من آخره كما قالت عائشة رضي الله عنها ، ثم استقر وتره في السحر عليه الصلاة والسلام ولا مانع أن يصليها جماعة في بعض الأحيان ، مع أهله أو مع زواره ، من غير أن يتخذها عادة ، لكن إذا صادف ذلك أنه زاره بعض إخوانه ، فصلوا جماعة لا بأس فقد زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء ، في بعض الليالي وصليا جماعة في الليل والنبي صلى الله عليه وسلم (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 54) زار محل أنس ، وصلى الضحى بهم جماعة عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه إذا صلى النافلة جماعة في بعض الأحيان بغير اتخاذ ذلك عادة راتبة ، فلا بأس بذلك ولا حرج في ذلك ، والوتر أقله واحدة ، ولا حد لأكثره ، لكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ، هذا هو الأفضل ؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وصلاة الليل القراءة فيها سرية ، أو جهرية ، يجوز أن يجهر ، ويجوز أن يسر ، تقول عائشة رضي الله عنها : كل ذلك قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ربما قد جهر بالقراءة ، وربما أسر عليه الصلاة والسلام ، فالمؤمن يفعل ما هو أصلح لقلبه ، وما هو أخشع له ، فإذا كانت قراءته جهرة ، أخشع لقلبه جهر ، وإذا كانت السرية أخشع لقلبه وأرفق به ، فعل ذلك سرية .