مسألة في فضل صلاة الليل

فتاوى نور على الدرب

508

س : أطلب من سماحة الشيخ الحديث عن صلاة الليل ، وعن صفة الصلاة ، ولا سيما أنه قد قرأ كثيرا من الأوصاف عن هذه الصلاة

ج : صلاة الليل قربة عظيمة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : أفضل (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 17) الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل وصلاة الليل لها شأن عظيم ، قال الله جل وعلا في وصف عباده المؤمنين عباد الرحمن : والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما وقال سبحانه في وصف المتقين : كانوا قليلا من الليل ما يهجعون (17) وبالأسحار هم يستغفرون وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : يا أيها المزمل (1) قم الليل إلا قليلا (2) نصفه أو انقص منه قليلا الآية ، وقال سبحانه وتعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون (16) فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ، فصلاة الليل لها شأن عظيم ، والأفضل فيها أن تكون مثنى مثنى ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى فيصلي ما تيسر له ثنتين ثنتين ، ثم يوتر (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 18) بواحدة ، وأفضلها في آخر الليل ؛ الثلث الأخير ، وإن صلى في أول الليل قبل أن ينام ؛ لئلا يغلب عليه النوم آخر الليل ، واحتاط في ذلك فلا بأس ، هو أعلم بنفسه ، إن قدر في آخر الليل فهو أفضل ، وإن لم يتيسر له ذلك أوتر في أول الليل وأقله واحدة ، أقل الإيتار في الليل واحدة بعد صلاة العشاء ، وسنتها الراتبة ، فإن أوتر بثلاث فالأفضل له أن يسلم من ثنتين ، ثم يوتر بواحدة ، وهكذا إذا أوتر بخمس يسلم من أربع من كل ثنتين ، ثم يوتر بواحدة ، وهكذا ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشرة ركعة ، يسلم من كل ثنتين ، ثم يوتر بواحدة وربما أوتر بثلاث عشرة ، ويسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة والأمر في هذا واسع والحمد لله ، وليس فيه حد محدود ، فلو أوتر بعشرين ، أو (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 19) بثلاثين أو بأربعين يسلم من كل ثنتين ، ثم أوتر بواحدة ، كل هذا لا بأس به ، ولكن يراعي في هذا الطمأنينة وعدم العجلة والنقر ، يطمئن في صلاته ويخشع فيها ولا يعجل ، خمس ركعات أو سبع ركعات مع الطمأنينة والعناية أفضل من تسع أو إحدى عشرة مع العجلة ، والسنة أن يداوم عليها دائما ، سواء في أول الليل أو في وسط الليل ، أو في آخر الليل ، والأفضل آخر الليل إذا تيسر ، يقول صلى الله عليه وسلم : من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل ، فإن صلاة آخر الليل مشهودة ، وذلك أفضل رواه مسلم في الصحيح ، هذا هو الأفضل إذا تيسر ، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ متفق على صحته ، (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 20) هذا حديث عظيم ، يدل على أن آخر الليل أفضل ؛ لأنه وقت التنزل الإلهي ، وهو نزول يليق بالله لا يشابهه خلقه سبحانه ، مثل الاستواء والغضب والرضا والرحمة ، كلها تليق بالله لا يشابهه خلقه سبحانه وتعالى ، ينزل نزولا يليق بجلاله لا يشابهه نزول خلقه ، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى ، وهكذا قوله : الرحمن على العرش استوى ، وقوله جل وعلا : رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وقوله : غضب الله عليهم ، وما أشبه ذلك ، كلها صفات تليق بالله ، لا يشابه خلقه في غضبهم ، ولا في استوائهم ولا في نزولهم ، ولا في رحمتهم ، إلى غير ذلك من صفات الله ، كلها تليق بالله ، يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى ، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، وإذا أراد أن يكون قيام الليل له عادة معلومة يستمر على العدد الذي يستطيعه ؛ على ثلاث ، على خمس ، على سبع ، وإذا زاد بعض الأحيان عند النشاط فلا بأس ، لكن يعتاد عددا معلوما يداوم عليه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 21) أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل فالعمل الدائم أفضل ، فإذا زاد في بعض الأحيان عند النشاط فهذا ينفعه ، ولا يضره .






كلمات دليلية:




النصرانية الحقة