حكم اشتراط الجماعة لصحة الصلاة

فتاوى نور على الدرب

566

س : هل الصلاة مع الجماعة شرط لصحة الصلاة أم لا ؟ نرجو ذكر الدليل إن أمكن ، وفقكم اللَّه

ج : اختلف العلماء في هذه المسألة ، فقال قوم : إن أداء الصلاة في الجماعة شرط ، وإن من صلى وحده بدون عذر بطلت صلاته . وقال آخرون : بل واجبة ، تجب الصلاة في الجماعة ، ويجب السعي إليها ، وأن تؤدى في المساجد . وهذا أعدل الأقوال . وقال قوم : إنها فرض كفاية ، إذا قام بها من يكفي صار أداؤها في حق الباقين سنة . وقال آخرون : سنة . ولكن الصواب من هذه الأقوال وأعدلها وأصحها قول من قال : إنها واجبة . إن أداء الصلاة في الجماعة واجبة وفي المساجد بالذات ، يجب أن تؤدى في المساجد مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر " . قالوا : وما (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 110) العذر ؟ قال " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى خرجه ابن ماجه والحاكم وجماعة بإسناد جيد . قال الحافظ في (البلوغ) : على شرط مسلم . وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أعمى قال : يا رسول الله ، إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد ، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " هل تسمع النداء بالصلاة " ؟ قال : نعم ، قال : " فأجب فهذا أعمى ليس له قائد يلائمه ، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم : أجب ، ولم يجد له رخصة . وفي رواية قال : لا أجد لك رخصة فصرح النبي صلى الله عليه وسلم أن الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة في ترك (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 111) الصلاة في الجماعة في المساجد ، وثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على من تخلف عن صلاة الجماعة بيوتهم ، قال : ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم - وفي لفظ : إلى رجال - لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار فلولا أنهم فعلوا منكرا لما هم بتحريق بيوتهم؛ لأنه لا يهم إلا بالحق عليه الصلاة والسلام ، فلولا أنهم أتوا جريمة توجب هذه العقوبة لما هم بأن يتخلف عن الصلاة ، ويستخلف من يصلي بالناس ، ثم يذهب إليهم في وقت الصلاة؛ حتى لا يتعذروا ويقولوا : قد صلينا أو كذا أو كذا . يأتي إليهم وقت الصلاة؛ حتى تكون الحجة قائمة . ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار فهذا كله يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة ، أما الشرط فلا ، ليست بشرط على الصحيح؛ لأنها لو كانت شرطا لأمر الناس بالإعادة ، وقال : (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 112) من صلى في بيته فليعد ، ومن صلى في غير جماعة فليعد . فلما لم يأمرهم النبي بالإعادة عليه الصلاة والسلام ، وإنما توعدهم وأمرهم بالحضور دل على الوجوب؛ لأن الأصل في الأوامر الوجوب ، والأصل في الوعيد الدلالة على وجوب ما توعد عليه ، هذا هو الحق؛ أنها تجب الصلاة في الجماعة في المساجد ، في بيوت الله لا في بيته ، بل يصلي مع الجماعة في مساجد الله ، هذا هو الواجب ، وهذا هو الحق والله المستعان ، ومن المصائب العظيمة تساهل كثير من الناس اليوم في الصلاة وهي عمود الإسلام ، وهي أول شيء يحاسب عنه الإنسان يوم القيامة هذه الصلاة ، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر وقال عليه الصلاة والسلام : بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة رواه مسلم في الصحيح ، وقال عليه الصلاة والسلام : رأس الأمر الإسلام ، (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 113) وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله فالواجب على جميع المسلمين العناية بهذا الأمر على النساء والرجال ، فيجب على النساء المحافظة عليها في الأوقات ، وأن تؤدى بطمأنينة وإخلاص لله وإقبال عليها ، مع الطمأنينة الكاملة في ركوعها وسجودها وقراءتها ، وفي الجلسة بين السجدتين ، وفي الوقفة بعد الركوع ، كل هذا يجب أن يعتنى به ، وأن يكون المصلي مطمئنا سواء رجل أو امرأة ، هذا أمر عظيم ، فيجب على النساء والرجال العناية بهذا الأمر ، وعلى الرجال أداؤها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانهم المسلمين ، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكما فعل أصحابه رضي الله عنهم؛ وتنفيذا لأمره عليه الصلاة والسلام ، وطاعة له صلى الله عليه وسلم . ومن المعلوم أن الصلاة في البيت فيه تشبه بالمنافقين ، وفيه عصيان للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو وسيلة إلى تركها ، متى تساهل بها وصلاها في البيت ، فقد يغفل عنها وقد يؤخرها كثيرا ، وقد يتركها (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 114) بالكلية ، إذ لو كانت لها أهمية لما صلاها في البيت ، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق - يعني الصلاة في الجماعة - ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف من حرص الصحابة رضي الله عنهم على الصلاة في الجماعة كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين ، يعضدون له حتى يقام في الصف ، هذا من عناية الصحابة بالصلاة ، وأنها تهمهم كثيرا ، ومن المصائب أيضا تساهل كثير من الناس بصلاة الفجر خاصة ، فإنها يتساهل بها أكثر من غيرها مع أنهم في بيوتهم ، لكن بأسباب السهر الكثير يتخلفون عن صلاة الفجر في الجماعة في المساجد ، وربما أخروها إلى ما بعد طلوع الشمس إلى أن يذهبوا إلى أعمالهم ، وهذه من المصائب العظيمة ، ومن المنكر العظيم ، فيجب على المسلم أن يحذر ذلك ، وألا يسهر سهرا يضره ، ويسبب تخلفه عن الصلاة في الجماعة في المساجد ، ولو كان سهره في أعمال مباحة ، أو مستحبة كقراءة القرآن ، أو التهجد بالليل ، أو ما أشبه ذلك لا يجوز له أن يسهر سهرا يجعله يتخلف عن صلاة الفجر في الجماعة ، ويتثاقل عنها ، فكيف إذا كان سهره في معاصي الله؛ في سماع الأغاني وآلات الملاهي .






كلمات دليلية:




حكم المداومة على القنوت في الوتر