ج : نعم ، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور ، ونهى عن اتخاذ المساجد عليها ؛ لأنه وسيلة إلى الغلو فيها والشرك وتعظيمها ، فلا يجوز للمسلم أن يبني على القبور ، لا مسجدا ولا غيره ؛ فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال : لعن الله اليهود والنصارى ؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين ، وروى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ؛ فإني أنهاكم عن ذلك رواه مسلم في الصحيح . (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 93) فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد ، وأخبر أنه من عمل الماضين الذين ذمهم الله وعابهم ، وأخبر أنه ينهى عن هذا عليه الصلاة والسلام ، وقد وقع الناس في الشرك بسبب هذه الأبنية وهذه المساجد ؛ ولهذا لعن صلى الله عليه وسلم من اتخذها ؛ لأنها وسيلة للشرك ، وعبادة المخلوقين من دون الله ، وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما ، عن أبيه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر ، وأن يقعد عليه ، وأن يبنى عليه فأخبر جابر رضي الله عنه أن الرسول نهى عن تجصيص القبور ، وعن القعود عليها ، وعن البناء عليها ، وهذا صريح في تحريم ذلك ، فالبناء على القبر محرم ، وهكذا القعود عليه ، وهكذا تجصيصه ؛ لأنه وسيلة إلى الغلو فيه ، ثم إلى عبادته من دون الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، كما جرى لليهود والنصارى ، وكما جرى للغلاة من هذه الأمة ، الذين بنوا على القبور وعظموها حتى عبدت من دون الله ، وحتى صارت آلهة تعبد مع الله ، كما قد وقع مثل ذلك عند قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما في مصر ، وعند قبر البدوي ، وعند قبر الجيلاني في العراق ، وعند قبور كثيرة حتى فعله بعض الجهلة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة لجهلهم لما رأوا أنه مبني عليه ، وعليه قبة ظنوا أن هذا مما يسبب لهم (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 94) الدعاء ، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما دفن في حجرته في بيت عائشة لم يبن عليه ، خوفا أن يغلوا فيه الناس إذا جعل في البقيع بارزا عند الناس ، فدفن في بيتها رضي الله عنها وأرضاها ، ثم وضع القبة على الحجرة بعض الأمراء المتأخرين في المدينة الذين قبل الدولة السعودية ، فالحاصل أن البناء على القبور لا يجوز ، وهو من وسائل الشرك سواء كان البناء مسجدا أو غير مسجد ، أو قبة تبنى عليه ، كل ذلك لا يجوز ، والواجب أن تكون القبور ضاحية بارزة في المقابر ، كما كان الحال على ذلك في عهده صلى الله عليه وسلم في البقيع وفي غير البقيع .