ج : البناء على القبور لا يجوز مطلقا ، بل ذلك من أسباب الشرك ، ومن فظائع الشرك ، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وثبت في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر ، وأن يقعد عليه ، وأن يبنى عليه فلا يجوز البناء عليه ، لا قبة ولا حجرة ولا مسجد ، ولا غير ذلك ، ولا يقعد عليه ولا يجصص ، ولا يجعل عليه الستور والأطياب ، كل هذا منكر ومن وسائل الشرك ، فالواجب الحذر من ذلك ، والواجب على المسلمين في كل مكان أن يحذروا هذا العمل السيئ الذي انتشر في بلاد كثيرة وفي مدن كثيرة ، فالواجب هدم المساجد التي على القبور إذا كانت (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 89) بنيت عليها ، والقباب التي على القبور تهدم وتزال ، هذا هو الواجب على الدول الإسلامية ، أن يزيلوها وتكون القبور مكشوفة ، ليس عليها شيء ، أما إن كان القبر جديدا ودفن في المسجد ، والمسجد قبله قديم فإنه ينبش القبر ويخرج ويدفن مع المقابر ، ولا يكون في المسجد بل يجب أن ينبش وأن ينقل رفاته إلى المقابر العامة ، ويبقى المسجد سليما يصلى فيه ، أما إن كان القبر هو القديم ، وبني المسجد عليه فإنه يهدم المسجد ، ولا يجوز بقاؤه ، يجب على رؤساء الدول الإسلامية المسؤولين أن يقوموا بهذا الواجب ، وأن يمنعوا الناس من الشرك ، من دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات ، هذا شرك أكبر ، وبناء المساجد على القبور بدعة ، ومن أسباب الشرك ؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن جندب بن عبد الله البجلي قال صلى الله عليه وسلم : ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ؛ فإني أنهاكم عن ذلك ويقول صلى الله عليه وسلم : لعن الله اليهود والنصارى ؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ولما قالت له أم سلمة وأم حبيبة : إنهما رأتا في أرض الحبشة صورا في بعض الكنائس ، قال صلى الله عليه وسلم في حق (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 90) النصارى : أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ، وصوروا فيه تلك الصور ثم قال : أولئك شرار الخلق عند الله فأخبر أنهم شرار الخلق ، بسبب أعمالهم ، وهي البناء على القبور ، واتخاذ الصور عليها ، فالواجب على الحكومات الإسلامية ، وعلى جميع العلماء أن يسعوا في إزالة هذه الأبنية التي على القبور ، من مساجد وقباب وغيرها ، وأن تكون القبور بارزة مكشوفة ليس عليها بناء ، ولا مانع من رفع القبر قدر شبر ، حتى يعرف أنه قبر ، ويكون له لحد ، ويكون التراب الباقي يرمى على القبر حتى يكون فوقه ، ليدل على أنه قبر ، وعليه نصائب ويكون قدر شبر أو نحوه ، حتى يعرف أنه قبر ، أما البناء فلا يبنى عليه لا مسجد ولا غيره ، ولا قبة ولا غيرها ، ولا يجوز أن يدعى صاحب القبر ، يقول : يا سيدي ، أو يا فلان ، أو يا أبا عبد الله ، أو يا محمد . أو يا فلان اغفر لي ، أو انصرني ، أو اشف مريضي ، أو أنا في جوارك . ولا يقال : يا رسول الله ، ولا يا أبا بكر . ولا يا سيدي البدوي ، ولا يا سيدي الحسين ، ولا يا سيدي عبد القادر ، ولا غيرهم ، لا يجوز هذا كله ، بل هذا من الشرك الأكبر ؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر ، فلا يدعى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره من الصحابة ولا غيرهم من العلماء ، بل هذا من الشرك الأكبر عند جميع (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 91) أهل العلم من أهل السنة والجماعة . وقد كانوا في الجاهلية يعظمون القبور ، ويدعونها من دون الله ، ويستغيثون بأهلها ، فنهى الله عن ذلك ، وحرم ذلك على المسلمين ، قال عز وجل : فلا تدعوا مع الله أحدا . وقال سبحانه : ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون . وقال عز وجل : ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير (13) إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم . فسماه شركا سبحانه وتعالى ، فدعاء الأموات وسؤالهم الشفاعة أو النصر على الأعداء ، أو شفاء المرضى أو النذر لهم أو الذبح لهم كل هذا من الشرك الأكبر ، ومن عبادة غير الله ، والله سبحانه يقول : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ، وقال تعالى : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : الدعاء هو العبادة فدعاء الميت عبادة (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 92) وشرك بالله سبحانه وتعالى ، نسأل الله السلامة والعافية ، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ، وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يصلح ولاة أمرهم ، حتى يزيلوا ما وقع من الشرك وذارئعه ووسائله .