ج : لا يشرع للمسلم صنع وليمة لميته لا بالذبح ولا بغيره ، إذا مات الميت شرع لأقاربه أن يصنعوا لأهل الميت طعاما ، وجيرانهم ونحو ذلك ، أما أهل الميت فلا يصنعون طعاما ، ولا يذبحون من أجل الميت ، ولا يجمعون الناس عليها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ، لما أتى نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حين قتل في الشام في الأردن ، أمر أهل بيته أن يصنعوا لهم طعاما ، قال : اصنعوا لآل جعفر طعاما ، فقد أتاهم ما (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 305) يشغلهم فالسنة أن يصنع لأهل الميت طعام من جيرانهم وأقاربهم الأباعد للأقارب الأدنين ، أما كون أهل الميت يصنعون الطعام ويجمعون الجيران ، فهذا لا يصلح بل هو من البدع ، ومن المآتم المنكرة ، قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الموت من النياحة فأخبر جرير رضي الله عنه ، أنهم كانوا يعدون اجتماع الناس لأهل الميت وصنعة الطعام من أهل الميت للناس ، كانوا يعدون هذا من النياحة - يعني : يعده الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم - فدل ذلك على أن أهل الميت لا يصنعون طعاما للناس ، ولا يجمعونهم ، ولكن يستحب لجيرانهم وأقاربهم الأباعد أن يبعثوا لهم طعاما لكونهم مشغولين بمصيبة ، وأما من ذبح ذبيحة لأجل الصدقة بها عن الميت على الفقراء والمساكين ، فلا حرج في ذلك ، لكن لا تكون في وقت مخصوص ، ولا يجمع لها أحد ، بل تذبح ويوزع لحمها على الفقراء والمساكين صدقة في أي وقت كان ، ليس لها وقت مخصوص ، وليس لها خصوصية بيوم الموت ، بل متى فعلها في أي وقت لقصد مواساة الفقراء أو أعطاهم نقودا أو ملابس أو طعاما غير اللحم ، كل هذا نافع للميت ، ويؤجر عليه فاعله ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 306) وسلم أنه سئل عن هذا ، قال له رجل : يا رسول الله ، إن أمي ماتت ولم توص ، وأظنها ولو تكلمت تصدقت ، أفلها أجر إذا تصدقت عنها ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : " نعم فالصدقة عن الميت نافعة بإجماع المسلمين ، لكن ينبغي أن تكون في غير وقت الموت ، حتى لا يتخذ ذلك سنة وعادة بل يوزعها في أوقات أخرى للفقراء بدون تخصيص وقت معين ، لا يوم الموت ، ولا يوم سابع الموت ، ولا يوم أربعين للموت ، ما يكون لها خصوصية ، أما ما يفعله بعض الناس من إيجاد مآتم في اليوم الأول أو في السابع أو في الأربعين ، مآتم يجمع فيها الناس ، ويذبح فيها الغنم أو غيرها كل هذا شيء لا أصل له ، بل هو من البدع فلا تجوز .