ج : قد شرع الله جل وعلا للعباد البر بوالديهم ، والإحسان إليهم بالصدقة والدعاء وسائر أنواع الخير التي تنفع الوالدين أحياء وأمواتا ، لكن الصلاة للوالدين غير مشروعة ، ولم يأت به نص ، فلا يصلي الولد لوالده ، ولكن يدعو له ، يتصدق عنه ، يحج عنه ، إذا كان ميتا أو عاجزا لا يستطيع الحج لكبر سنه أو مرض لا يرجى برؤه ونحو ذلك ، أما كونه يصلي عنه فهذا غير مشروع ، ولكن يدعو له ويتصدق عنه ويحج عنه إذا (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 323) كان ميتا أو عاجزا ، وهكذا سائر أنواع الخير التي تنفعه ، مثل الضحية عنه ، والاعتمار عنه ، والإحسان إلى أصدقائه وأقاربه ، ونحو ذلك من وجوه الخير ، ولا يصلي عنه ركعة زيادة في كل فرض ، فهذا غير مشروع ، إذا زاد ركعة في الصلاة أبطلها ، فإذا صلى الظهر مثلا خمسا ، الخامسة لأبيه أو لأمه هذا باطل ، هذا غلط وبدعة ومنكر حتى لو صلاها مستقلة ، لا يجوز ذلك ؛ لأن الله سبحانه لم يشرع لنا أن نصلي عن آبائنا ولا عن أمهاتنا ، فهذا منكر ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم ، قد سأله رجل فقال : يا رسول الله ، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : " نعم ، الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما هكذا بين النبي صلى الله عليه وسلم ، فالصلاة عليهما يدعو فيها بالدعاء في صلاة الجنازة ، والدعاء يسمى صلاة ، قال الله تعالى : وصل عليهم يعني : ادع لهم ، والصلاة على الوالدين الدعاء لهما بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار ، والدعاء لهما في حياتهم بمضاعفة الأجر ، وقبول الحسنات والعافية والصحة ونحو ذلك ، والاستغفار لهما طلب المغفرة لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، إنفاذ (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 324) وصاياهما إذا أوصوا بشيء ما يخالف الشرع ، فالولد ينفذ الوصية ، وصية والده ؛ لأن الله جل وعلا شرع له ذلك ، وهذا من إعانته على الخير ، فإذا أوصى والده بشيء مما يحبه الله كالصدقة وبناء المساجد والضحية عنه وأشباه ذلك فإن الولد ينفذ ذلك ، أما لو أوصى بشيء لا يشرع فالولد لا ينفذ ، لو أوصى أبوه أنه يبني على قبره مسجدا ، أو يبني عليه قبة ، هذه بدعة ومنكر ، لا يقبل هذه الوصية ولا ينفذها ؛ لأنها مخالفة للشرع ، كذلك لو أوصاه والده أن يقطع أرحامه ، وألا يكلم عمه ، وألا يصل إخوانه ، هذه وصية باطلة وقطيعة للرحم لا ينفذها ، ولكن ينفذ الوصايا الشرعية ، مثل إذا أوصى بأنه يتصدق عنه أو يعمر عنه مسجدا على وجه التبرع ، أو يضحي عنه ويحج عنه لا بأس ، فالمقصود أنه ينفذ عهد أبيه وأمه إذا كان ذلك شيئا شرعيا ، أما إذا كان ذلك يخالف الشرع فلا ، وهكذا إكرام صديق والديه ، يكرمهم ويحسن إليهم ، قد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه هذا من أبر البر ، كونه يصل أحباب أبيه وأولياء أبيه وأقاربه ، وكذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما مثل الإحسان إلى أعمامه وإلى جده أبي أبيه ، وإلى أخواله إخوة (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 325) أمه ، وأخوال جداته ، ونحو ذلك ، هذا كله من الصلة للوالدين ، صلته أقارب والديه صلة لهما .