ج : لا حرج في هذا إذا تصدقوا عليهم وجاؤوا لهم بشيء من الغنم أو شيء من اللحم لا حرج في ذلك إذا صنعه أهل الميت لهم لأنهم ضيوف وأكرموهم بما جاؤوا به من اللحم أو من الذبائح لا حرج عليهم في (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 372) ذلك ، وإن أعطوهم مالا أو غنما أو غير ذلك ، وذهبوا ولم يجلسوا مساعدة لأهل الميت فلا بأس بذلك ، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهو ابن عمه لما قتل في مؤتة في الشام قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهله : ابعثوا لآل جعفر طعاما ؛ فقد أتاهم ما يشغلهم فأمر أهله أن يبعثوا إليهم طعاما مصنوعا ؛ لأنه أتاهم ما يشغلهم ، فالأفضل لهؤلاء أن يبعثوا طعاما مصنوعا دون ذبائح يكلفون بها أهل الميت ، لكن ما داموا جاؤوا بها وأعطوها أهل الميت ، فأهل الميت عليهم أن يضيفوا ضيوفهم ، ويحسنوا إليهم ، ويكونوا كرماء لا لؤماء ، فإذا صنعوا منها طعاما لهم ، وأطعموهم غداء أو عشاء فلا حرج في ذلك ، إنما المكروه الذي لا ينبغي والمنكر الذي يكون من عمل الجاهلية كون أهل الميت يصنعون الطعام من مالهم للناس ، يجعلون هذا مأتما للميت ، يصنعون الطعام للناس ، هذا هو الذي لا ينبغي ، وهو من عمل الجاهلية ، وقال جرير رضي الله عنه : كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الموت من النياحة يعني إذا فعله أهل الميت من مالهم ، أما إذا فعله الضيوف الذين نزلوا بهم ، أو فعلوه هم من الذبائح التي جاء بها الضيوف فهذا ليس (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 373) فيه بأس ؛ لأنهم ملزمون بهذا ؛ لأن إكرام الضيف أمر لازم ، ولا حرج في إكرام الضيف بل هو واجب ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه فإذا جاءهم الضيوف سواء معهم طعام أو ما معهم طعام ، إذا جاءهم الضيوف ونزلوا عندهم وجلسوا إلى وقت الغداء أو العشاء وضيفوهم فلا بأس ، وإذا كان معهم غنم أو لحوم كان الأمر أشد وآكد ، لكن لا يبدؤونهم ، أهل الميت لا يصنعون الطعام ويجعلون مأتما للناس وعادة ، هذا هو الذي ينكر عليهم وينهون عنه ، والأفضل للذين يزورونهم أن يصنعوا الطعام في بيوتهم ، ويبعثوه إليهم مصنوعا كاملا حتى لا يكلفهم صنعة الطعام ؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة ، فالذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وسنه للأمة أن جيرانهم أو أقاربهم يبعثون بالطعام مصنوعا إليهم حتى يكفوهم المؤنة ، هذا هو الأفضل ، وإذا جاءهم الطعام وقدموه للضيوف ليأكلوا منه ، أو دعوا إليه الجيران أو أقاربهم ليأكلوا فلا حرج في ذلك ؛ لأن الطعام لو ترك ضاع بغير فائدة .