ج : ذهاب الدعاة للمجتمعات المخالفة للشرع للدعوة والتوجيه - أمر مطلوب ؛ لأنها فرصة ينبغي أن تستغل ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر على مجامع الكفرة في منى فيدعوهم إلى الله ، ويطلب منهم أن يؤووه حتى يبلغ رسالات الله ، وذهب مرة إلى سعد بن عبادة يعوده في المدينة وهو مريض ، فمر على مجتمع فيه اليهود ، وفيه بعض الكفرة الوثنيين ، وفيه بعض المسلمين ، فوقف عندهم ودعاهم إلى الله عز وجل ، ورغبهم في الخير ، فالدعاة إذا زاروا بعض المجتمعات المنحرفة كالذين يجتمعون بعد موت الميت ويقيمون مأتما عند أهل الميت يعلمهم ، يقول : هذا ما يجوز ، أهل الميت لا يقيمون للناس مأتما ولا طعاما ، ولا يجمعون الناس ، ولكن إذا بعث إليهم جيرانهم طعاما ، أو أقاربهم طعاما فلا بأس بهذا ، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ، لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يوم مؤتة ؛ أمر أهله أن يبعثوا لأهل جعفر طعاما ، وقال : إنه أتاهم ما يشغلهم هذا لا بأس به ، بل هو مشروع ، أما كون أهل الميت يقيمون مأتما ، يقيمون طعاما للناس يجمعونهم فهذا لا يجوز ، هذا من عمل الجاهلية ، كذلك الاجتماعات على المولد ، مثل (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 351) الاحتفال بالمولد في أي مكان ، فيأتيهم الدعاة فيقولون : هذا الاحتفال لا يجوز ، وليس في الشريعة موالد يحتفل بها ، ولم يشرع هذا النبي صلى الله عليه وسلم ، لا في مولده ولا في مولد غيره ، ولم يفعله الخلفاء الراشدون مع نبيهم عليه الصلاة والسلام ، ولا بقية الصحابة ، ولا التابعون ولا أتباعهم بإحسان ، حتى ينتبه الناس لهذه البدع ، ويحذروها ، هذا كله لا بأس به ، إنما المنكر أن يحضر معهم للمشاركة فقط ، أما إذا حضر لا للمشاركة بل للدعوة والتوجيه والإرشاد ثم ينصرف ، فهذا مأجور غير مأزور ، والله المستعان .