ج : المشروع لك الدعاء له إذا كان مات مسلما ، والترحم عليه والصدقة عنه ، هذا ينفعه كثيرا ، أما الزيارة فليس لك الزيارة ، الرسول - صلى الله عليه وسلم - منع النساء من زيارة القبور ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : زوروا القبور ، فإنها تذكركم الآخرة وأراد بذلك الرجال ، أما النساء ، فقد ثبت عنه لعن زوارات القبور من النساء ، فالواجب عليك ألا تزوريه في المقبرة ، ولكن تدعين له في بيتك ، وفي كل مكان بالمغفرة والرحمة ، وتتصدقين عنه إن تيسر لك صدقة ، وأنت على خير إن شاء الله ، وأما الزيارة فلا ، عليك أيضا أن تتقي الله وأن تصلي ، فإن الصلاة عمود الإسلام ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر فالصلاة عمود الإسلام ، وأمرها عظيم ، والله يقول فيها سبحانه في كتابه العظيم القرآن : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ويقول سبحانه في كتابه العظيم : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون فالواجب عليك أن تقيمي الصلاة في وقتها ، الظهر أربعا ، العصر أربعا ، المغرب ثلاثا ، العشاء أربعا ، الفجر ثنتين ، هذا الواجب عليك ، (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 476) وعلى كل مسلم ، ومن تركها كفر ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فالواجب عليك أن تتوبي مما سلف ، وأن تستقبلي زمانك بالصلاة ، والمحافظة على دين الله ، وأن تسألي عما أشكل عليك من دينك أهل العلم ، أو من طريق هذا البرنامج بالمكاتبة ، وسوف تجدين - إن شاء الله - في هذا البرنامج ما يكفي ويشفي . وأما كون الميت يطلع على أحوال أهله ، ويعلم أخبارهم ، فهذا لا دليل عليه ، قد قاله بعض الناس في بعض مرائيهم ، وزعموا أنهم يرون بعض موتاهم ، وأنهم يخبرونهم ببعض ما يقع ، ولكن هذا لا يعول عليه ، المرائي المنامية ، لا يعول عليها في أشياء من علم الغيب ، ولكن على المؤمن أن يحرص على الإحسان إلى أمواته ، سواء عرفوا أو ما عرفوا ، عليه أن يحرص على الدعاء لهم ، والترحم عليهم ، وعلى الصدقة عنهم ، وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال له رجل : يا رسول الله ، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما ؟ قال : " نعم ، الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما - يعني : وصاياهما الشرعية - وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما فالدعاء للميت والاستغفار له ، والترحم عليه والصدقة عنه ، كل هذا ينفعه في حياته وبعد مماته ، أما كونهم يعلمون بالزائر ، فهذا أيضا محل نظر ، (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 477) فقد جاء في بعض الأحاديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : ما من عبد يزور أخا له كان يعرفه في الدنيا ، فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام هكذا روى ابن عبد البر وابن أبي الدنيا بإسناد جيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ما من رجل يزور أخا له كان يعرفه في الدنيا ، فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام فالحاصل أنه سواء عرفه أو ما عرفه ، المهم أنه يزوره يدعو له ، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : زوروا القبور ، فإنها تذكركم الآخرة فالمهم أنها تنفع الحي ، تعينه على تذكر الآخرة ، وتذكر الموت حتى يستعد للقاء الله ، وتنفع الميت من جهة أن الزائر يدعو له ، ويترحم عليه ، فالزيارة للقبور فيها مصالح للحي والميت جميعا ، يزورهم ويسلم عليهم ويدعو لهم ، ثم ينصرف ، لا يتمسح بقبورهم ولا يصلي عند قبورهم ، ولا يسأل الله بهم ، ولكن يدعو لهم ويقول : اللهم اغفر لهم ، اللهم ارحمهم . كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية وفي حديث آخر : يرحم الله المستقدمين منا (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 478) والمستأخرين اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد يدعو لهم - عليه الصلاة والسلام - ، هكذا أمته تتأسى به ، فتدعو للأموات ، وتسأل الله لهم المغفرة والعافية ، وهذا هو المشروع ، ويكفي هذا للمؤمن أن يفعل ما شرعه الله ، وأن يقف عند الحد الشرعي .