ج : الوصية للميت مستحبة فيما ينفعه ، إذا كان عنده مال كثير يستحب أن يوصي بالثلث أو بالربع ، أو بالخمس في وجوه البر وأعمال الخير ، ولا تجب عليه ، ولكن إذا أراد ذلك ينبغي أن يبادر ويكتبها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه ، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده خرجه الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 414) عنهما . فإذا كان يحب أن يوصي فالسنة أن يبادر ، وأن يكتب الوصية التي يحب أن يوصي بها في ثلثه ، في ربعه ، في خمسه ، في بيت معين ، في نخل معين ، في أرض معينة ، هذا هو المشروع له وهو الأفضل أن يبادر ، أما إذا كان عليه ديون ، أو عنده أمانات للناس فالوصية واجبة ، يجب أن يوصي بها ويبينها لمن خلفه : أن لفلان كذا ، ولفلان كذا ، وعنده أمانة لفلان ؛ حتى لا يجحدها الورثة ، وحتى توصل إلى أهلها ، المقصود إذا كان عنده حقوق للناس يجب عليه أن يوصي من ديون وأمانات ونحوها ؛ حتى يبرئ ذمته من حق الناس ، أما تأخرهم في تسديد ذلك الدين لضيق ذات اليد ؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقول : فاتقوا الله ما استطعتم ، فإذا أخروه لعجز مثلا ، ما عندهم مال ، وما خلف تركة وهم أحبوا أن يوفوا عنه فلهم أجر ، ولا شيء عليهم ، أما إذا كان عنده تركة فالواجب البدار ببيعها وإيفاء الدين منها ؛ حتى لا يتأخر الدين ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه فعلى الورثة البدار ببيع العقار حتى يوفى الدين ، أو ببيع المواشي الحيوانات ، أو الأمتعة الأخرى ، فكون الورثة يبادرون ببيع بعض التركة حتى يوفى عن (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 415) الميت دينه هذا واجب ، وللقاضي أن يلزمهم بذلك إذا ترافعوا للمحكمة . أما كون الميت يعذب في قبره ؛ نظرا لكونه مات وعليه ديون لم تسدد فما ورد في هذا شيء ، وإنما يعذب بالمعاصي والسيئات ، أما تأخر الدين فهذا فيه تفصيل ، لكن إذا كانت له معاص ، ومات على غير توبة فهذا يخشى عليه ، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنه مر على قبرين ، فرآهما يعذبان ، قال : وما يعذبان في كبير ، ثم قال : بلى ، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يتنزه من البول المقصود أنه إذا كان عنده حقوق يجب أن يؤديها للناس ، ويخشى عليه من العذاب إذا فرط في حقوق الناس ، أو مات على غير توبة من المعاصي .