ج : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه مر على قبرين ، وقال : إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير " ، ثم قال : " بلى ، أما أحدهما (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 162) فكان لا يستتر من البول وفي اللفظ الآخر : لا يستنزه من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة فعذاب القبر حق ، والإنسان يعذب في قبره ، وبعض العصاة يعذب في قبره إلا من عفا الله عنه ، ومن ذلك ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبي القبرين ، وأنهما يعذبان : أحدهما بعدم تنزهه من البول ، وأنه لا يبالي بالنجاسة ، والثاني لمشيه بالنميمة ، نعوذ بالله ، وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في كتابه ( أهوال القبور ) أشياء من هذا النوع من التعذيب الذي يقع لأهل القبور ، بسبب معاصيهم ، فإن بعض الناس قد تدعوه الحاجة إلى نبشه ، إما لكونهم نسوا مسحاة عنده أو عتلة أو غيره ، هذا مما تحفر به القبور ، فقد ينبشونه ثم يجدونه يعذب ، نسأل الله العافية ، وقد يجدونه يشتعل قبره عليه نارا ، وبعضهم يجدون في رقبته نارا ، وبعضهم يجدون نفس المسحاة قد جعلت في رقبته تشتعل نارا ... إلى غير هذا كما ذكر ابن رجب رحمه الله ، المقصود أن الله قد يطلع بني آدم على بعض العذاب للذي يكون في القبور ، وقد أخبرني إنسان لا أذكره الآن من نحو ثلاثين سنة ، أو أربعين سنة : أنه بلغه أن عمته تعذب في قبرها ، وأنه أخبره أناس عندهم وقفوا على قبرها وسمعوا العذاب ، قال لي : إني ذهبت إليها في يوم من الأيام (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 163) لأعرف الحقيقة ، فجئت إلى القبر ، فسمعت فيه صياحا مما يدل على العذاب ، وهذا ليس ببعيد ، فإن الله يطلع بعض عباده على ما يشاء للعظة والذكرى والترهيب ، كما يطلعهم سبحانه على بعض النعيم لبعض أهل القبور ، فقد يدفن الإنسان ، ثم يظهر من قبره ريح المسك ، كما ذكر ذلك بعض السلف ، وأخبرني ثقة من إخواننا من نحو ثلاثين سنة أو حولها أنهم كانوا في بيداء من الأرض مسافرين ، فمات معهم شخص ، فنزلوا ليدفنوه فحفروا في أرض ليس فيها أثر في أثناء سفرهم ، فوجدوا قبرا فيه إنسان يفوح قبره مسكا طيبا عظيما ، ووجدوه على حاله لم يتغير في قبره ، فدفنوه وساووا قبره عليه ، وحفروا لميتهم في مكان آخر ودفنوه ، فهذه من آيات الله سبحانه ، قد يطلع بعض عباده على نعيم قوم وعلى عذاب آخرين ، للذكرى والعظة .