ج : هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، فمن أهل العلم ، من يقول : إن قراءة القرآن تصل إلى الميت إذا قرأ وثوب للميت تصل إليه كما تصل إليه الصدقة والدعاء ، والحج عنه والعمرة ، وأداء الدين ، ينتفع بهذا كله ، فقالوا : إن هذا مثل هذا ، إن قراءة القرآن أو كونه يصلي له يلحقه كما تلحقه الصدقة وتنفعه الصدقة والحج عنه والعمرة والدعاء ، وقال آخرون : لا لعدم الدليل ، لأن العبادات توقيفية ، لا يفعل منها شيء إلا بالدليل لا مجال للرأي فيها فالعبادات توقيفية ، المعنى أنها تتلقى عن الله وعن رسوله لا بالرأي والهوى والقياسات ، لا ، العبادات توقيفية ، قال الله ، قال رسوله ، ما شرعه الله في كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم بالسنة فهذا هو الذي يؤخذ به ويعمل به ، وما لا فلا ، وهذا هو الصواب أن القراءة لا تهدى ، لا يشرع أن تهدى ، وهكذا الصلاة لا يصلي أحد عن أحد لعدم الدليل ، ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل هذا عن أقاربه ، وما فعله الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم عن أقاربهم ، فالمشروع لنا أن نتبع طريقهم وسبيلهم ، فلا نقرأ عن الميت ، (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 216) ولا لغير الميت ، يعني لا نثوب القراءة له ولا نصلي له ، ولا نصوم له ، لأنه لم يرد إلا إذا كان عليه دين صوم رمضان ولم يقضه يصام عنه ، كما قال عليه الصلاة والسلام : من مات وعليه صيام صام عنه وليه لكن لا يقاس عليه الصلاة ، ولا تقاس عليه القراءة والعبادات ليست محل قياس ، القياس في أمور أخرى غير العبادات ، فالمؤمن حق عليه أن يلتزم بما شرعه الله ، يؤدي العبادة كما شرعها الله ، ولا يحدث شيئا لم يشرعه الله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد رواه مسلم في الصحيح . ولقوله صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق عليه . وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة : إن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة رواه مسلم أيضا ، فالمؤمن يتبع ولا يبتدع فيقرأ لنفسه ، ويصلي لنفسه ، يرجو ثواب الله ، أما أنه يهدي صلاته وقراءته إلى حي أو ميت فهذا ليس بمشروع على الصواب فينبغي تركه ، وإن قال آخرون من أهل العلم : إنه يفعل فالاعتبار بالأدلة الشرعية لا بأقوال الناس ، يقول (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 217) الله عز وجل : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ويقول سبحانه وتعالى : وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله فهذه المسألة إذا أردناها إلى الله ورسوله لم نجد في الكتاب العزيز ولا في السنة المطهرة ما يدل على أننا نصلي عن فلان ، أو نقرأ عن فلان ونهدي له ثواب قراءتنا وصلاتنا ولا صومنا ، لكن جاء في السنة الصدقة عن الميت نافعة ، والدعاء له بالمغفرة والرحمة نافع بإجماع المسلمين ، هكذا الحج عنه والعمرة عنه إذا كان ميتا ، أو عاجزا لا يستطيع الحج لهرمه ، أو لمرض لا يرجى برؤه ، لا بأس أن يحج عنه ويعتمر هكذا إذا كان عليه دين قضاه أخوه المسلم ينفعه ، أما أن يصام عنه تطوعا أو يصلى عنه أو يقرأ عنه فهذا ليس عليه دليل ، فلا ينبغي أن يفعل ، ولا يشرع عملا بالأدلة الشرعية ، ووقوفا عندها ، والله ولي التوفيق .