مسألة في حكم تارك الصلاة_1

فتاوى نور على الدرب

434

س: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز؟ نرجو من سماحتكم أن تقولوا لنا رأيكم في مسألة احترنا فيها بسبب تعدد الآراء، وهي : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ويقول عليه الصلاة والسلام: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة فنرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا معنى كلمة الكفر، ومتى يعد المرء كافرا، وهل المقصود من الحديث أن تارك الصلاة يعتبر كافرا إذا تركها تكاسلا وخمولا أم إذا تركها جحودا وإنكارا؟ أم إذا تركها بأي حال من الأحوال: أفتونا في ذلك جزاكم الله خيرا؟ أخوكم في الله: ح . ك ، الكويت (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 41) 

ج: ترك الصلاة من أعظم الجرائم ومن أعظم الكبائر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، ولأنها أعظم الأركان بعد الشهادتين، فإن تركها جاحدا لوجوبها أو مستهزئا بها ساخرا بها، ولو فعلها فهذا يكون كافرا بإجماع المسلمين، ويكون مرتدا عن الإسلام إذا تركها جاحدا لوجوبها أو استهزأ بها وسخر منها فإن هذا يعتبر كافرا كفرا أكبر، ومرتدا عن الإسلام بإجماع المسلمين . أما إذا تركها تكاسلا وتساهلا وهو يعلم أنها واجبة، وليس ساخرا بها ولا مستهزئا بها، ولكنه يحترمها ولكنه ربما تركها في بعض الأوقات تساهلا وتكاسلا كما يفعل بعض الناس في صلاه الفجر لا يصليها وربما ترك صلاة العصر أو صلاة العشاء ونحو ذلك، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، ومن أهل العلم من قال: إنه يكون كافرا كفرا أكبر ويحتج بالحديثين اللذين ذكرتهما أيها السائل، وهما حديثان صحيحان عن النبي عليه الصلاة والسلام، أحدهما قوله صلى الله عليه وسلم : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر خرجه الإمام أحمد بن حنبل في المسند بإسناد جيد وخرجه أيضا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون بإسناد صحيح (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 42) عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر والحديث الثاني قوله صلى الله عليه وسلم : بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام ، قالوا: والكفر إذا عرف فهو الكفر الأكبر وهكذا الشرك إذا عرف هو الشرك الأكبر فالمعنى: بين الرجل وبين الوقوع في الكفر الأكبر والشرك الأكبر تركه الصلاة، وهذا يعم من تركها جاحدا ومن تركها متكاسلا وهذا القول هو الصواب وهو الأصح من قولي العلماء، أن من تركها تكاسلا يكون كافرا كفرا أكبر، ويدل على هذا أيضا الحديث الثالث وهو قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمراء الذين يخلون بالدين بعده عليه الصلاة والسلام، قال: إنه سيجيء عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون قالوا: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم:؟ قال: لا (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 43) إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان هكذا جاء الحديث في الصحيحين . وفي رواية قال: ما أقاموا فيكم الصلاة فدل على أن ترك الصلاة وعدم إقامتها يعتبر من الكفر البواح الذي يوجب القيام على الوالي إذا ترك ذلك ويعتبر بذلك كافرا كفرا بواحا يجب أن يقاوم من المسلمين حتى يولى غيره على المسلمين، فالمقصود أن ترك الصلاة على الأصح يعتبر كفرا بواحا . وذهب آخرون من أهل العلم إلى تأويل هذين الحديثين وأن المراد كفر دون كفر وشرك دون شرك، وأنه لا يكفر بذلك إلا إذا جحد وجوبها أو استهزأ بها بل يكون عاصيا وقد أتى جريمة عظيمة وكبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كافرا كفرا أكبر . وأيضا هذا هو المعروف في مذهب الإمام مالك والشافعي وأبي حنيفة والجماعة، ولكن القول الأول أصح وأصوب وأقرب للدليل، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وأن يستقيم على أداء الصلاة وأن لا تمنعه وظيفته أو شهواته من إقامة الصلاة في وقتها، بل يجب أن يحذر (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 44) ذلك، وكذلك لا يجوز له أن يطاوع جلساء السوء في ذلك، بل يجب أن يحذر ذلك، وأن يكون قويا على جلساء السوء يأمرهم بالصلاة ويعينهم عليها، وإذا تركوا فارقهم وخالفهم وأداها في وقتها، هذه نصيحتي لكل مسلم، فليتق الله كل مسلم وليحذر ترك الصلاة، فإن تركها من أعظم الجرائم بل تركها كفر أكبر في أصح قولي العلماء بل بسببه لا يجوز له أن تبقى معه زوجة مسلمة، بل عليها أن تفارقه وأن تمتنع منه حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من ترك الصلاة، رزق الله الجميع العافية والهداية ، لكن من تركها جاحدا هذا كافر بالإجماع، لقد أجمع المسلمون على أنه كافر كفرا أكبر لكن من تركها تكاسلا وهو يعلم أنها واجبة ويعترف أنها واجبة، ولكن يحمله الكسل والتهاون وقلة المبالاة على تركها، فهذا هو الذي فيه الخلاف، والصواب أنه يكون كافرا كفرا أكبر؛ للأحاديث التي سمعت في الجواب .






كلمات دليلية:




عماد زهير حافظ