والجواب الصحيح: أن يقال: إن إعفاء اللحية وقص الشارب أمر مفترض من الشارع صلى الله عليه وسلم حيث قال فيما صح عنه: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين متفق على صحته . وروى مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس . (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 70) وهذان الحديثان الصحيحان وما جاء في معناهما كلها تدل على وجوب إعفاء اللحية وإرخائها، وعدم التعرض لها بقص أو حلق، وعلى وجوب قص الشارب، ولم يرد في ذلك عقوبة معينة، ولكن الواجب على المسلم: أن يمتثل أمر الله سبحانه وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن ينتهي عما نهى الله عنه ورسوله ولو لم يرد في ذلك عقاب معين. ويجوز لولي الأمر أن يعاقب من خالف الأوامر والنواهي بما يراه من العقوبات الرادعة فيما دون عقوبات الحدود؛ ردعا للناس عن ارتكاب محارم الله والتعدي على حدوده. وقد ثبت عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: ( إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ). ومن مات على ذلك فهو تحت مشيئة الله كسائر المعاصي إن شاء غفر له وإن شاء سبحانه عاقبه بما يستحق على ما فعله من المعاصي، ومن جملة ذلك حلق اللحى، وإطالة الشوارب، قال الله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، وقد دلت هذه الآية الكريمة على أن جميع الذنوب التي دون الشرك تحت مشيئة الله سبحانه، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهما من أهل البدع. وبذلك يعلم أن حلق اللحى وإطالة الشوارب وغيرهما من المعاصي التي دون الشرك لا تحبط الأعمال الصالحة ولا تبطل ثوابها، (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 71) ولكنها تنقص الإيمان وتضعفه، وإنما تحبط الأعمال بالشرك وأنواع الكفر الأكبر لا بالمعاصي، كما قال الله سبحانه: ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ، وقال عز وجل: ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين . والآيات في هذا المعنى كثيرة. ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.