مسألة في المسح على الشراب والكندرة

فتاوى ابن باز

514

س: عن كيفية المسح على الشراب والكندرة، وهل يصلي به صلاتين أم لا كالتيمم ؟

ج: يمسح على الشراب إذا كان ساترا لمحل الغسل كما (الجزء رقم : 29، الصفحة رقم: 73) يمسح على الخف، والفرق بينهما: أن الخف من الجلد، وأما الشراب فيكون من القطن، ويكون من الصوف، ويكون من غيرهما، والحكم في المسح عليهما واحد في أصح أقوال العلماء، وقد ثبت في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين والنعلين، والجوربان هما الشراب، وثبت ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام أنهم مسحوا على الجوربين، وإذا مضت المدة وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر وجب الخلع على من يجد الماء، حتى يتوضأ ويغسل قدميه، ثم إذا أحب لبسهما بعد ذلك ومسح مثل المدة السالفة وهكذا، أما الكندرة فهي كالنعل إذا كانت لا تستر القدم مع الكعبين، فإن مسح عليهما مع الشراب صار الحكم لهما، ومتى خلع أحدهما خلع الآخر، وإن اقتصر على مسح الشراب كفاه ذلك، وجاز له خلع الكندرة متى يشاء، والطهارة باقية بحالها؛ لأن حكم المسح قد تعلق بالشراب، ومما تقدم يتضح أنه يجوز أن يصلي المسلم بالمسح على الشراب صلوات كثيرة في المدة التي منحه الشارع إياها، وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، ابتداء من أول مسح وقع بعد الحدث الذي يعقب اللبس. أما التيمم ففيه خلاف مشهور، (الجزء رقم : 29، الصفحة رقم: 74) والصحيح من أقوال العلماء أنه يرفع الحدث كالطهارة بالماء، ويصلي به صلوات كثيرة كما يصلي بالماء ما لم يحدث أو يجد الماء؛ لقول الله سبحانه: وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون . فبين سبحانه في هذه الآية أنه شرع لعباده التيمم عند عدم الماء ليرفع عنهم الحرج بذلك، وليطهرهم به، فدل ذلك على أنه مطهر كالماء، وفي الآية المذكورة دلالة على أن الفاقد للماء يكفيه التيمم، سواء كان حدثه أصغر وهو ما يوجب الوضوء، أو كان أكبر وهو ما يوجب الغسل، وعلى أن كيفية التيمم عنهما واحدة، وهي: مسح الوجه والكفين من الصعيد، ووجه الدلالة أن قوله سبحانه وتعالى: أو جاء أحد منكم من الغائط . يشير به إلى الحدث الأصغر، وقوله: أو لامستم النساء يشير به (الجزء رقم : 29، الصفحة رقم: 75) إلى الحدث الأكبر؛ لأن الملامسة كناية عن الجماع في أصح قولي العلماء، كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من علماء التفسير، وأما من فسر ذلك بمس اليد واحتج به على أن مس المرأة ينقض الوضوء فقوله ضعيف؛ لأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذكرها؛ لأن المقصود هنا الإيجاز والاختصار والإشارة إلى أصح الأقوال في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة . ففي هذا الحديث العظيم الدلالة على أن التيمم يرفع الحدث ويطهر كالماء، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.






كلمات دليلية:




بين الشريعة والقوانين: