ج : إن الله جل وعلا شرع لعباده الوضوء عند إرادة الصلاة ، قال سبحانه : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 69) فهذا يدل على وجوب استعمال الوضوء الشرعي على ضوء ما ذكرته الآية الكريمة ، وفسر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بفعله عليه الصلاة والسلام ، فدل ذلك على أنه لا بد لمن قام إلى الصلاة من الوضوء الشرعي إذا كان على غير طهارة ، وهو كما بينه الله : غسل الوجه ، ثم غسل اليدين مع المرفقين ، ثم مسح الرأس ، ثم غسل الرجلين . وهذا فرض ومفترض مرة مرة ، والسنة أن يغسل اليدين ثلاث مرات قبل إدخالهما في الإناء ، كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام ، فقد كان يغسل يديه ثلاث مرات يعني كفيه ثم يشرع في الوضوء ، وينبغي أن يقدم التسمية على غسل اليدين ، فيقول : بسم الله . قبل أن يغسل يديه ، والجمهور على أنها سنة ، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التسمية مع الذكر ، وسقوطها مع الجهل والنسيان ، ومما جاء عنه عليه السلام أنه قال : لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه وهو حديث له طرق وفيها ضعف لكن مجموعها يدل على أن له أصل وأنه حسن ، فينبغي لمن أراد الوضوء أن يسمي الله عند بدئه لغسل يديه ، ثم يتمضمض ويستنشق ، ثم يغسل وجهه من منابت الشعر من أعلى إلى الذقن من أسفل ، والعرض (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 70) إلى فروع الأذنين ، هذا هو الوجه فيغسله جميعا ، ثم يغسل يديه إلى المرفقين ، ومعنى : إلى يعني : مع المرفقين . ويدل على ذلك فعله صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يغسل يديه حتى يشرع في العضد ، يعني : يغسل مرافقه مع الذراع ، ثم يمسح رأسه مع أذنيه كما جاءت به السنة ، وهذا فرض أيضا ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ، يعني مع الكعبين ، ويدل على هذا فعله صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يغسل رجليه حتى يشرع في الساقين ، كما رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة ، هذا هو الوضوء المفترض : غسل الوجه مع المضمضة والاستنشاق مرة مرة ، غسل اليدين مع المرفقين مرة ، مسح الرأس مع الأذنين مرة ، غسل الرجلين مع الكعبين مرة . هذا مفترض ، فإن كرره مرتين فهو أفضل ؛ يعني سنة ، وإن كرره ثلاثا فهو أكمل ، كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام في عمله وفعله ، والفرض أن يستنشق مرة واحدة ، هذا فرض ، وإن كرر المضمضة والاستنشاق ثلاث مرات فهو أكمل وأفضل ، ثم بعد ذلك يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين ، هكذا جاء في الحديث الصحيح ، وهذا سنة بعد الفراغ ، رواه مسلم في الصحيح عن عمر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما من عبد يتوضأ ويسبغ الوضوء أو قال : يبلغ الوضوء ثم يقول : (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 71) أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء هذا فضل عظيم في هذه الشهادة بعد الوضوء ، ويستحب أن يزيد : اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين ؛ لما رواه الترمذي رحمه الله بإسناد صحيح عن المغيرة بهذه الزيادة ، وبهذا يعلم المفترض من الوضوء والسنة منه ، فالتسمية في أول الوضوء سنة ، تكرار المضمضة والاستنشاق مرتين أو ثلاثا سنة ، غسل الوجه أكثر من مرة سنة ، غسل اليدين مع المرفقين مرة هذا فرض ، تكرار ذلك مرتين أو ثلاثا سنة ، ومسح الرأس مع الأذنين فرض ، ولا يشرع التكرار ، وغسل الرجلين مع الكعبين مرة فرض ، وتكرار ذلك مرتين أو ثلاثا سنة ، والشهادة بعد الوضوء والدعاء سنة ، الذي تقدم ذكره .