مبطلات الصيام

هل رأيت عاقلًا بعد أن يجهد نفسه في بناء بيته، يقوم فيهدمه؟!!

فهكذا في الصيام، كيف لك بعد صيام ساعاتٍ طوال أن تفسد صيامك!!!

وما الصيام إلا دورة تدريبية في مدرسة الصبر.

وإذا لم تقدر على قيادة نفسك ساعاتٍ معدودة، فكيف تنصر دينك!!!!

فهل تعلم مبطلات الصيام؟

1. الجماع: وهو أعظم المفطرات، وأكبرها إثمًا، قال الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) [سورة البقرة، الآية: 187].

فيبطل صيام مَنْ جامع فرضًا كان أو نفلًا، ثم إن كان في نهار رمضان والصوم واجب عليه لزمه القضاء والكفارة؛ وأن يُمسك بقيَّة اليوم الذي جامع فيه؛لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، «قال: بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ، إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: «ما لك؟» وفي لفظ مسلم: «وما أهلكك؟» قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم [في رمضان] فقال رسول الله ﷺ: «هل تجد رقبةً تعتقها؟» قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: لا [أستطيع] فقال: «فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟» قال: لا [أجد] قال: [اجلس فجلس] فمكث عند النبي ﷺ، فبينما نحن على ذلك أُتي النبي ﷺ بِعَرِقٍ فيه تمر، والعَرِقُ: المكتل [الضخم] [وهو الزنبيل] قال: «أين السائل؟» فقال: أنا، قال: «خُذْ هذا فتصدّق به» فقال الرجل: أعلى أفقر مني [وفي رواية منا] يا رسول الله، فوالله ما بين لابتيها - يريد الحَرَّتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي ﷺ حتى بدت أنيابه، ثم قال: «أطعمه أهلك» (متفق عليه).

2. أن يحدث إنزال المني باختياره: بتقبيل، أو لمس، أو استمناء، أو بتكرير النظر بقصد التلذذ والإنزال، ونحوها؛ فأما التقبيل واللَّمْسُ بدون إنزال فلا يفطر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي ﷺ يُقَبِّل ويُباشر وهو صائم، وكان أملككم لإرْبِه ِ- أي: حاجته» (رواه البخاري).

هل الاحتلام للنائم يفسد الصوم؟

الإنزال بالاحتلام للنائم لا يفطر؛ لأن الاحتلام بغير اختيار الصائم.

3. الأكل أو الشرب: فيفطر بذلك لقول الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) [سورة البقرة، الآية: 187].

هل ما يصل إلى الجوف عن طريق الأنف، ودخول الماء معه بقصدٍ يبطل الصوم؟

يبطل الصوم كالقطرة في الأنف؛ لأن الأنف منفذ إلى المعدة والجوف؛ لحديث لقيط بن صبرة - رضي الله عنه - «قال: قلت يا رسول أخبرني عن الوضوء؟ قال: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» (رواه الترمذي)

أما شمُّ الروائح فلا يفطر؛ لأنه ليس للرائحة جُرْمٌ يدخل إلى الجوف.

4. ما كان بمعنى الأكل أو الشرب :

هل تعلم أن :

- إدخال القنطرة [أنبوب دقيق] في الشرايين للتصوير أو العلاج أو غير ذلك، لا تفطر؛ لأنها ليست أكلًا ولا شربًا ولا بمعناهما، ولا تدخل إلى المعدة، وهذا ما أخذ به المجمع الفقهي.

- منظار البطن لا يفطر ، وهو عبارة عن إدخال منظار من خلال فتحة صغيرة في جدار البطن إلى التجويف البطني؛ لإجراء عملية جراحية، كاستئصال المرارة، أو الزائدة، أو لتشخيص بعض الأمراض، أو لسحب البيضات في عملية التلقيح الصناعي [طفل الأنبوب]، أو لأخذ عينات، أو نحو ذلك، فلا علاقة له بالمعدة، فهو لا يصل إليها ولا إلى داخلها.

- الدهانات والمراهم، واللصقات العلاجية، لا تفطر.

5. الاستقاء عمدًا: فالتقيؤ عمدًا يفطر به الصائم؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي ﷺ، قال: «من ذرعه القيء-أي: غلبه- فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء» (رواه ابن ماجه). أما إذا حصل القيء منه بدون سبب منه؛ فإنه لا يضره.

6. خروج دم الحيض والنفاس: إذا رأت المرأة الحيض، أو دم النفاس فسد صومها وأفطرت، سواء في أول النهار، أو آخره، ولو قبل الغروب بلحظة؛ لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي ﷺ قال: «أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تَصُمْ؟»
(متفق عليه).

وإن أحست الحائض بانتقال الدم أو ألمه، ولكنه لم يخرج ولم يبرز إلا بعد غروب الشمس فصومها صحيح .

ما الفرق بين قضاء الصوم والصلاة للحائض والنفساء؟

الحائض والنفساء تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كُنَّا نحيض على عهد رسول الله ﷺ،فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة» (متفق عليه).

7-نية الإفطار: فمن نوى الإفطار فقد أفطر؛ لأن النية أحد ركني الصيام، فإذا نوى الفطر فسد صومه؛ لأنه قطع النية؛ لقوله ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات» (متفق عليه).

هل يجوز في صوم النافلة أن يصبح غير ناوٍ للصيام، ثم ينوى الصيام؟

يجوز؛ لأن النبي ﷺ كان يسأل أهله: «هل عندكم شيء؟» فإن قالوا: لا، قال: «فإني إذن صائم». (رواه مسلم).

8. الرِّدَّة عن الإسلام: فمن ارتدَّ عن الإسلام بقولٍ أو فعلٍ، أو اعتقادٍ، أو شكٍّ، أو أتى بناقضٍ من نواقض الإسلام، فقد أبطل صومه، بل أبطل جميع أعماله الصالحة؛ لقول الله - عز وجل -: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) [سورة الزمر، الآية: 65].