islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

فتح البغوى
14535

61-الصف

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

1- "سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم".

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ

2- "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون"، قال المفسرون: إن المؤمنين قالوا: لو علمنا أحب الأعمال إلى الله عز وجل لعملناه، ولبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا. فأنزل الله عز وجل: "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً" فابتلوا بذلك يوم أحد فولوا مدبرين، فأنزل الله تعالى "لم تقولون ما لا تفعلون"؟ وقال محمد بن كعب: لما أخبر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بثواب شهداء بدر، قالت الصحابة لئن لقينا بعده قتالاً لنفرغن فيه وسعنا، ففروا يوم أحد فعيرهم الله بهذه الآية. وقال قتادة والضحاك: نزلت في شأن القتال، كان الرجل يقول: قاتلت ولم يقاتل، وطعنت ولم يطعن، وضربت ولم يضرب، فنزلت هذه الآية. قال ابن زيد: نزلت في المنافقين كانوا يعدون النصر للمؤمنين وهم كاذبون.

كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ

3- "كبر مقتاً عند الله أن تقولوا"، في موضع الرفع فهو كقولك بئس رجلاً أخوك، ومعنى الآية: أي عظم ذلك في المقت والبغض عند الله، أي: إن الله يبغض بغضاً شديداً أن تقولوا "ما لا تفعلون"، أن تعدوا من أنفسكم شيئاً ثم لم توفوا به.

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ

4- "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً"، أي يصفون أنفسهم عند القتال صفاً / ولا يزولون عن أماكنهم، "كأنهم بنيان مرصوص"، قد رص بعضه ببعض [أي ألزق بعضه ببعض] وأحكم فليس فيه فرجة ولا خلل، وقيل كالرصاص.

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ

5- "وإذ قال موسى لقومه"، من بني إسرائيل: "يا قوم لم تؤذونني"، وذلك حين رموه بالأدرة، "وقد تعلمون أني رسول الله إليكم"، والرسول يعظم ويكرم ويحترم، "فلما زاغوا"، عدلوا عن الحق، "أزاغ الله قلوبهم"، أمالها عن الحق، يعني أنهم لما تركوا الحق بإيذاء نبيهم أمال الله قلوبهم عن الحق، "والله لا يهدي القوم الفاسقين"، قال الزجاج: يعني لا يهدي من سبق في علمه أنه فاسق.

وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِح

6- "وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد"، والألف فيه للمبالغة في الحمد، وله وجهان: أحدهما: أنه مبالغة من الفاعل، أي الأنبياء كلهم حمادون لله عز وجل، وهو أكثر حمداً لله من غيره، والثاني: أنه مبالغة في المفعول، أي الأنبياء كلهم محمودون لما فيهم من الخصال الحميدة وهو أكثرهم مبالغة وأجمع للفضائل والمحاسن التي يحمد بها. "فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين".

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

7- "ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين".

يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ

8- "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون".

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ

9- " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ".

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ

10- "يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم"، قرأ ابن عامر "تنجيكم" بالتشديد، والآخرون بالتخفيف، "من عذاب أليم"، نزل هذا حين قالوا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل لعملناه، وجعل ذلك بمنزلة التجارة لأنهم يربحون بها رضا الله ونيل جنته والنجاة من النار.

تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ

ثم بين تلك التجارة فقال: 11- "تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون".

يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

12- "يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبةً في جنات عدن ذلك الفوز العظيم".

وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ

13- "وأخرى تحبونها"، أي: ولكم خصلة أخرى في العاجل مع ثواب الآخرة تحبونها، وتلك الخصلة: "نصر من الله وفتح قريب"، قال الكلبي: هو النصر على قريش، وفتح مكة. وقال عطاء: يريد فتح فارس والروم. "وبشر المؤمنين"، يا محمد بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ ف

ثم حضهم على نصر الدين وجهاد المخالفين فقال: 14- "يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله"، قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو: أنصاراً، بالتنوين لله بلام الإضافة، وقرأ الآخرون: "أنصار الله" مضافاً لقوله: "نحن أنصار الله". "كما قال عيسى ابن مريم للحواريين"، أي انصروا دين الله مثل نصرة الحواريين لما قال لهم عيسى عليه السلام: "من أنصاري إلى الله"؟ أي: من ينصرني مع الله؟ "قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة"، قال ابن عباس: يعني في زمن عيسى عليه السلام، وذلك أنه لما رفع تفرق قومه ثلاث فرق: فرقة قالوا: كان الله فارتفع، وفرقة قالوا: كان ابن الله فرفعه الله إليه، وفرقة قالوا: كان عبد الله ورسوله فرفعه إليه وهم المؤمنون، واتبع كل فرقة منهم طائفة من الناس، فاقتتلوا فظهرت الفرقتان الكافرتان على المؤمنين، حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، فظهرت الفرقة المؤمنة على الكافرة، فذلك قوله تعالى: "فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين"، عالين غالبين. وروى مغيرة عن إبراهيم قال: فأصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم أن عيسى كلمة الله وروحه.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس