islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

فتح البغوى
15353

45-الجاثية

حم

1. مكية، " حم "

تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ

2. " تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم "

إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ

3. " إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين "

وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ

4. " وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات "، قرأ حمزة ، و الكسائي ، و يعقوب : ((آيات)) (( وتصريف الرياح آيات )) بكسر التاء فيهما رداً على قوله: ((لآيات)) وهو في موضع النصب، وقرأ الآخرون برفعهما على الاستئناف، على أن العرب تقول: إن لي عليك مالاً وعلى أخيك مال، ينصبون الثاني ويرفعونه، " لقوم يوقنون "، أنه لا إله غيره.

وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ

5. " واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق "، يعني الغيث الذي هو سبب أرزاق العباد، " فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون ".

تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ

6. " تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق "، يريد هذا الذي قصصنا عليك من آيات الله نقصها عليك بالحق، " فبأي حديث بعد الله "، بعد كتاب الله، " وآياته يؤمنون "، قرأ ابن عامر و حمزة و الكسائي و أبو بكر و يعقوب : ((تؤمنون)) بالتاء، على معنى قل لهم يا محمد: فبأي حديث تؤمنون، وقرأ الآخرون بالياء.

وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ

7. " ويل لكل أفاك أثيم "، كذاب صاحب إثم، يعني: النضر بن الحارث.

يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ

8. " يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم "

وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آَيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ

9. " وإذا علم من آياتنا "، قال مقاتل : من القرآن، " شيئاً اتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين "، وذكر بلفظ الجمع رداً إلى ((كل)) في قوله: " لكل أفاك أثيم ".

مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

10. " من ورائهم "، أمامهم، " جهنم "، يعني أنهم في الدنيا [ممتعون بأموالهم] ولهم في الآخرة النار يدخلونها، " ولا يغني عنهم ما كسبوا "، من الأموال، " شيئاً ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء "، ولا ما عبدوا من دون الله من الآلهة، " ولهم عذاب عظيم ".

هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ

11. " هذا "، يعني هذا القرآن، " هدىً "، بيان من الضلالة، " والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم ".

اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

12. "الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "

وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

13. " وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض "، ومعنى تسخيرها أنه خلقها لمنافعها. فهو مسخر لنا من حيث إنا ننتفع به، " جميعاً منه "، فلا تجعلوا لله أنداداً، قال ابن عباس: "جميعاً منه" كل ذلك رحمة منه. قال الزجاج : كل ذلك تفضل منه وإحسان. " إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ".

قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

14. " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله "، أي لا يخافون وقائع الله ولا يبالون نقمته، قال ابن عباس و مقاتل : نزلت في عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك أن رجلاً من بني غفار شتمه بمكة فهم عمر -رضي الله تعالى عنه- أن يبطش به، فأنزل الله هذه الآية، وأمره أن يعفو عنه. وقال القرظي و السدي : نزلت في أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة كانوا في أذىً شديد من المشركين، من قبل أن يؤمروا بالقتال، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية ثم نسختها آية القتال. " ليجزي قوماً "، قرأ ابن عامر و حمزة و الكسائي ((لنجزي)) بالنون، وقرأ الآخرون بالياء، أي ليجزي الله، وقرأ أبو جعفر ((ليجزى)) بضم الياء الأولى وسكون الثانية وفتح الزاي، قال أبو عمرو: وهو لحن، قال الكسائي : معناه ليجزي الجزاء قوماً، " بما كانوا يكسبون ".

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ

15. " من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون "

وَلَقَدْ آَتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ

16. " ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب "، التوراة، " والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات ". الحلالات، يعني المن والسلوى، " وفضلناهم على العالمين "، أي عالمي زمانهم، قال ابن عباس: لم يكن أحد من العالمين في زمانهم أكرم على الله ولا أحب إليه منهم.

وَآَتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

17. " وآتيناهم بينات من الأمر "، يعني العلم بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم وما بين لهم من أمره، " فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ".

ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ

18. " ثم جعلناك "، [يا محمد] " على شريعة "، سنة وطريقة بعد موسى، " من الأمر "، من الدين، " فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون "، يعني مراد الكافرين، وذلك أنهم كانوا يقولون له: ارجع إلى دين آبائك، فإنهم كانوا أفضل منك، فقال جل ذكره:

إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ

19. " إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً "، [لن يدفعوا عنك من عذاب الله شيئاً] إن اتبعت أهواءهم، " وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ".

هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ

20. " هذا "، يعني القرآن، " بصائر للناس "، [معالم للناس] في الحدود والأحكام يبصرون بها، " وهدىً ورحمة لقوم يوقنون ".

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ

21. " أم حسب "، [بل حسب]، " الذين اجترحوا السيئات "، اكتسبوا المعاصي والكفر " أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات "، نزلت في نفر من مشركي مكة، قالوا للمؤمنين: لئن كان ما تقولون لنفضلن عليكم في الآخرة كما فضلنا عليكم في الدنيا. " سواءً محياهم " قرأ حمزة و الكسائي وحفص و يعقوب : ((سواء)) بالنصب، أي: نجعلهم سواء، يعني: أحسبوا أن حياة الكافرين " ومماتهم " كحياة المؤمنين وموتهم سواءً كلا، وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء والخبر أي محياهم ومماتهم سواء فالضمير فيهما يرجع إلى المؤمنين والكافرين جميعاً، معناه: المؤمن مؤمن محياه ومماته أي في الدنيا والآخرة، والكافر كافر في الدنيا والآخرة، " ساء ما يحكمون "، بئس ما يقضون، قال مسروق: قال لي رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الداري، لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو كاد أن يصبح يقرأ آيةً من كتاب الله يركع بها ويسجد ويبكي. " أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات " الآية.

وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ

22. " وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ".

أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ

23. " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه "، قال ابن عباس و الحسن و قتادة : ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه، فلا يهوى شيئاً إلا ركبه لأنه لا يؤمن بالله ولا يخافه، ولا يحرم ما حرم الله. وقال آخرون: معناه اتخذ معبوده هواه فيعبد ما تهواه نفسه. قال سعيد بن جبير : كانت العرب يعبدون الحجارة والذهب والفضة، فإذا وجدوا شيئاً أحسن من الأول رموه أو كسروه، وعبدوا الآخر. قال الشعبي : إنما سمي الهوى لأنه يهوي بصاحبه في النار. " وأضله الله على علم "، منه بعاقبة أمره، وقيل على ما سبق في علمه أنه ضال قبل أن يخلقه، " وختم " طبع، " على سمعه " فلم يسمع الهدى، " وقلبه "، فلم يعقل الهدى، " وجعل على بصره غشاوةً "، قرأ حمزة و الكسائي ((غشوة)) بفتح الغين وسكون الشين، والباقون ((غشاوة)) ظلمة فهو لا يبصر الهدى، " فمن يهديه من بعد الله "، [أي فمن يهديه] بعد أن أضله الله، " أفلا تذكرون ".

وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ

24. " وقالوا "، يعني منكري البعث، " ما هي إلا حياتنا الدنيا "، أي ما الحياة إلا حياتنا الدنيا، " نموت ونحيا "، أي يموت الآباء ويحيا الأبناء، وقال الزجاج : يعني نموت ونحيا، فالواو للاجتماع، " وما يهلكنا إلا الدهر "، أي وما يفنينا إلا مر الزمان وطول العمر واختلاف الليل والنهار. " وما لهم بذلك "، الذي قالوه، " من علم "، أي لم يقولوه عن علم [علموه]، " إن هم إلا يظنون ". أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد محمش الزيادي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، حدثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن همام بن منبه ، حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله تعالى: لا يقل ابن آدم يا خيبة الدهر، فإني أنا الدهر، أرسل الليل والنهار، فإذا شئت قبضتهما ". أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، حدثنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر، عن أيوب عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يسب أحدكم الدهر [فإن الله هو الدهر]، ولا يقولن للعنب الكرم، فإن الكرم هو الرجل المسلم ". ومعنى الحديث: أن العرب كان من شأنهم ذم الدهر، وسبه عند النوازل، لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره، فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، كما أخبر الله تعالى عنهم: " وما يهلكنا إلا الدهر " فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها، فكان مكرجع سبهم إلى الله عز وجل، إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يضيفونها إلى الدهر، [ فنهوا عن سب الدهر ].

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

25. " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين "

قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

26. " قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة "، [أي ليوم القيامة]، " لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون "

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ

27. " ولله ملك السموات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون "، يعني الكافرين الذين هم أصحاب الأباطيل، يظهر في ذلك اليوم خسرانهم بأن يصيروا إلى النار.

وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

28. " وترى كل أمة جاثيةً "، باركة على الركب، وهي جلسة المخاصم بين يدي الحاكم ينتظر القضاء. قال سلمان الفارسي: إن في القيامة ساعة هي عشر سنين، يخر الناس فيها جثاة على ركبهم حتى إبراهيم عليه السلام ينادي ربه: لا أسألك إلا نفسي. " كل أمة تدعى إلى كتابها "، الذي فيه أعمالها، وقرأ يعقوب ((كل أمة)) نصب، ويقال لهم: " اليوم تجزون ما كنتم تعملون ".

هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

29. " هذا كتابنا "، يعني ديوان الحفظة، " ينطق عليكم بالحق "، يشهد عليكم ببيان شاف، فكأنه ينطق. وقيل: المراد بالكتاب اللوح المحفوظ. " إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون "، أي نأمر الملائكة بنسخ أعمالكم أي بكتبها وإثباتها عليكم. وقيل: ((نستنسخ)) أي نأخذ نسخته، وذلك أن الملكين يرفعان عمل الإنسان، فيثبت الله منه ما كان له فيه ثواب أو عقاب، ويطرح منه اللغو نحو قولهم: هلم واذهب. وقيل: الاستنساخ من اللوح المحفوظ تنسخ الملائكة كل عام ما يكون من أعمال بني آدم، والاستنساخ لا يكون إلا من أصل، فينسخ كتاب من كتاب. وقال الضحاك : نستنسخ أي نثبت. وقال السدي : نكتب. وقال الحسن : نحفظ.

فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ

30. " فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين "، [الظفر] الظاهر.

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ

31. " فأما الذين كفروا "، يقال لهم، " أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوماً مجرمين "، متكبرين كافرين.

وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ

32. " وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها "، قرأ حمزة : ((والساعة)) نصب عطفها على الوعد، وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء، " قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظناً "، أي ما نعلم ذلك إلا حدساً وتوهماً. " وما نحن بمستيقنين "، أنها كائنة.

وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

33. " وبدا لهم "، [في الآخرة]، " سيئات ما عملوا "، في الدنيا أي جزاؤها " وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ".

وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ

34. " وقيل اليوم ننساكم "، نترككم في النار، " كما نسيتم لقاء يومكم هذا "، تركتم الإيمان والعمل للقاء هذا اليوم، " ومأواكم النار وما لكم من ناصرين "

ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ

35. " ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزواً وغرتكم الحياة الدنيا "، حتى قلتم: لا بعث ولا حساب، " فاليوم لا يخرجون منها "، قرأ حمزة و الكسائي بفتح الياء وضم الراء، وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الراء، " ولا هم يستعتبون "، لا يطلب منهم أن يرجعوا إلى طاعة الله، لأنه لا يقبل ذلك اليوم عذراً ولا توبةً.

فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

36. " فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين "

وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

37. " وله الكبرياء "، العظمة، " في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ". أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، حدثنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي ، أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي ، حدثنا أحمد بن حفص و عبد الله بن محمد الفراء وقطن بن إبراهيم قالوا، أخبرنا حفص عن عبد الله، حدثني إبراهيم بن طهمان ، عن عطاء بن السائب ، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما أدخلته النار ".


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس