1- "يا أيها المزمل"، أي المتلفف بثوبه. وأصله المتزمل، أدغمت التاء في الزاي، ومثله المدثر، أي: المتدثر أدغمت التاء في الدال، يقال: تزمل وتدثر بثوبه، إذا تغطى به. وقال السدي: أراد يا أيها النائم قم فصل. قال العلماء: كان هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم في أول الوحي قبل تبليغ الرسالة، ثم خوطب بعد بالنبي والرسول.
2- "قم الليل"، أي للصلاة، "إلا قليلاً"، وكان قيام الليل فريضة في الابتداء.
وبين قدره فقال: 3- "نصفه أو انقص منه قليلاً"، إلى الثلث.
4- "أو زد عليه"، على النصف إلى الثلثين، خيره بين هذه المنازل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقومون على هذه المقادير، وكان الرجل لا يدري متى ثلث الليل ومتى نصف الليل ومتى الثلثان، فكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظ القدر الواجب، واشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم فرحمهم الله تعالى وخفف عنهم ونسخها بقوله: " فاقرؤوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى " الآية. فكان بين أول السورة وآخرها سنة. أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني، أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا يحيى بن بشير، حدثنا سعيد -يعني ابن أبي عروبة- حدثنا قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن سعيد ابن هشام قال: "انطلقت إلى عائشة رضي الله عنها فقلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن، قلت: فقيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم المؤمنين؟ قالت: ألست تقرأ: "يا أيها المزمل"، قلت: بلى، قالت: فإن الله افترض القيام في أول هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعاً بعد الفريضة". قال مقاتل بن كيسان: كان هذا بمكة قبل أن تفرض الصلوات الخمس، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس. "ورتل القرآن ترتيلاً"، قال / ابن عباس: بينه بياناً. وقال الحسن: اقرأه قراءة بينة. وقال مجاهد: ترسل فيه ترسلاً. وقال قتادة: تثبت فيه تثبتاً. وعن ابن عباس أيضاً: اقرأه على هينتك ثلاث آيات أو أربعاً أو خمساً. أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام عن قتادة قال: "سئل أنس كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كانت مداً مداً، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، يمد بسم الله، ويمد الرحمن ويمد الرحيم". أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثناآدم، حدثنا شعبة، حدثنا عمرو بن مرة قال: سمعت أبا وائل قال: "جاء رجل إلى ابن مسعود، قال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هذاً كهذ الشعر؟ لقد عرفت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل سورتين من آل حاميم في كل ركعة". أخبرنا أبو جعفر أحمد بن أبي أحمد بن مثويه، أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن محمد بن علي الحسين الحراني فيما كتبه إلي، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن حميد الواسطي، حدثنا زيد بن أخزم، حدثنا محمد بن الفضل، حدثنا سعيد بن زيد، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله -يعني ابن مسعود- قال: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة. أخبرنا أبو جعفر أحمد بن أبي أحمد بن مثويه، أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن محمد بن علي الحسين الحراني فيما كتبه إلي، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري، حدثنا ابو محمد بن يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا الحسين بن الحسن المروزين حدثنا ابن المبارك، ح، أخبرنا أبو محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن عبيدة وهو أخوه عن سهل بن سعد الساعدي قال: "بينا نحن نقرأ إذ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الحمد لله كتاب الله واحد وفيكم الأخيار وفيكم الأحمر والأسود اقرؤوا القرآن قبل أن يأتي أقوام يقرؤونه، يقيمون حروفه كما يقام السهم لا يجاوز تراقيهم، يتعجلون آخره ولا يتأجلونه". أخبرنا أبو عثمان الضبي، أخبرنا أبو محمد الجراحي، حدثنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا أبو بكر محمد بن نافع البصري، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن إسماعيل ابن مسلم العبدي، عن أبي المتوكل الناجي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية من القرآن ليلة". ورواه أبو ذر، قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة حتى أصبح بآية من القرآن، والآية: "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" (المائدة- 118).
5- "إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً"، قال ابن عباس رضي الله عنهما: شديداً. قال الحسن: إن الرجل ليهذ السورة ولكن العمل بها ثقيل. وقال قتادة: ثقيل والله فرائضه وحدوده. وقال مقاتل: ثقيل لما فيه من الأمر والنهي والحدود. وقال أبو العالية: ثقيل بالوعد والوعيد والحلال والحرام. وقال محمد بن كعب: ثقيل على المنافقين. وقال الحسين بن الفضل: قولاً خفيفاً على اللسان ثقيلاً في الميزان. وقال الفراء: ثقيل ليس بخفيف السفساف لأنه كلام ربنا. وقال ابن زيد: هو والله ثقيل مبارك، كما ثقل في الدنيا ثقل في الموازين يوم القيامة. أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب، عن مالك، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم "أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحياناً يأتيني في مثل صلصة الجرس، وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول. قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشاتي الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً".
قوله عز وجل: 6- "إن ناشئة الليل"، أي: ساعاته كلها، وكل ساعة منه ناشئة، سميت بذلك لأنها تنشأ، أي: تبدو، ومنه: نشأت السحابة إذا بدت، فكل ما حدث بالليل وبدا فقد نشأ فهو ناشئ، والجمع ناشئة. وقال ابن أبي مليكة: سألت ابن عباس وابن الزبير عنها، فقالا: الليل كله ناشئة. وقال سعيد بن جبير وابن زيد: أي: ساعة قام من الليل فقد نشأ وهو بلسان الحبش القيام، يقال: نشأ فلان أي: قام. وقالت عائشة: الناشئة القيام بعد النوم. وقال ابن كيسان: هي القيام من آخر الليل. وقال عكرمة: هي القيام من أول الليل. روي عن علي بن الحسين أنه كان يصلي بين المغرب والعشاء، ويقول: هذه ناشئة الليل. وقال الحسن: كل صلاة بعد العشاء الآخرة فهي ناشئة من الليل. وقال الأزهري: "ناشئة الليل": قيام الليل، مصدر جاء على فاعلة كالعافية بمعنى العفو. " هي أشد وطئا "، قرأ ابن عامر، وأبو عمرو: وطاء بكسر الواو ممدوداً بمعنى المواطأة والموافقة، يقال: واطأت فلاناً مواطأة ووطئاً، إذا وافقته، وذلك أن مواطأة القلب والسمع والبصر واللسان، بالليل تكون أكثر مما يكون بالنهار. وقرأ الآخرون: وطئاً بفتح الواو وسكون الطاء، أي: أشد على المصلي وأثقل من صلاة النهار، لأن الليل للنوم والراحة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اشدد وطأتك على مضر". وقال ابن عباس: كانت صلاتهم أول الليل هي أشد وطأ، يقول هي أجدر أن تحصوا ما فرض الله عليكم من القيام، وذلك أن الإنسان إذا نام لم يدر متى يستيقظ. وقال قتادة: أثبت في الخير وأحفظ للقراءة. وقال الفراء: أثبت قياماً، أي: أوطأ للقيام وأسهل للمصلي من ساعات النهار، لأن النهار خلق لتصرف العباد، والليل للخلوة فالعبادة فيه أسهل. وقيل: أشد نشاطاً. وقال ابن زيد: أفرغ له قلباً من النهار لأنه لا تعرض له حوائج. وقال الحسن: أشد وطأ للخير وأمنع من الشيطان. "وأقوم قيلاً"، وأصوب قراءة وأصح قولاً لهدأة الناس وسكون الأصوات. وقال الكلبي: أبين قولاً / بالقرآن. وفي الجملة: عبادة الليل أشد نشاطاً وأتم إخلاصاً وأكثر بركة وأبلغ في الثواب من عبادة النهار.
7- "إن لك في النهار سبحاً طويلاً"، أي: تصرفاً وتقلباً وإقبالاً وإدباراً في حوائجك وأشغالك، وأصل السبح: سرعة الذهاب، ومنه السباحة في الماء، وقيل: سبحاً طويلاً: أي: فراغاً وسعة لنومك وتصرفك في حوائجك فصل من الليل. وقرأ يحيى بن يعمر سبخاً بالخاء المجمعة أي: استراحة وتخفيفاً للبدن، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة، وقد دعت على سارق: "لا تسبخي عنه بدعائك عليه"، أي: لا تخففي.
8- "واذكر اسم ربك"، بالتوحيد والتعظيم، "وتبتل إليه تبتيلاً"، قال ابن عباس وغيره: أخلص إليه إخلاصاً. وقال الحسن: اجتهد. وقال ابن زيد: تفرغ لعبادته. قال سفيان: توكل عليه توكلاً. وقيل: انقطع إليه في العبادة انقطاعاً، وهو الأصل في الباب، يقال: تبتلت الشيء أي: قطعته وصدقة بتة: أي مقطوعة عن صاحبها لا سبيل له عليها، والتبتيل: التقطيع تفعيل، منه يقال: بتلته فتبتل، والمعنى: بتل نفسك إليه، ولذلك قال: تبتيلاً. قال زيد بن أسلم: التبتل رفض الدنيا وما فيها، والتماس ما عند الله تعالى.
9- "رب المشرق والمغرب"، قرأ أهل الحجاز، وأبو عمرو، وحفص: "رب" برفع الباء الابتداء، وقرأ الآخرون بالجر على نعت الرب في قوله: "واذكر اسم ربك". "لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً"، قيماً بأمورك ففوضها إليه.
10- "واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً"، يسختها آية القتال.
11- "وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلاً"، نزلت في صناديد قريش المستهزئين. وقال مقاتل بن حيان: نزلت في المطعمين ببدر ولم يكن إلا يسر حتى قتلوا ببدر.
12- "إن لدينا"، عندنا في الآخرة، "أنكالاً"، قيوداً عظاماً لا تنفك أبداً واحدها نكل. قال الكلبي: أغلالاً من حديد، "وجحيماً".
13- "وطعاماً ذا غصة"، غير سائغة تأخذ بالحلق لا ينزل ولا يخرج وهو الزقوم والضريع. "وعذاباً أليماً".
14- "يوم ترجف الأرض والجبال"، أي: تتزلزل وتتحرك، "وكانت الجبال كثيباً مهيلاً". رملاً سائلاً. قال الكلبي: هو الرمل الذي إذا أخذت منه شيئاً تبعك ما بعده، يقال أهلت الرمل أهيله هيلاً إذا حركت أسفله حتى انهال من أعلاه.
15- "إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً".
16- "فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً"، شديداً ثقيلاً، يعني عاقبناه عقوبة غليظة يخوف كفار مكة.
17- "فكيف تتقون إن كفرتم"، أي: كيف لكم بالتقوى يوم القيامة إذ كفرتم في الدنيا يعني لا سبيل لكم إلى التقوى إذا وافيتم يوم القيامة؟ وقيل: معناه كيف تتقون العذاب يوم القيامة وبأي شيء تتحصنون منه إذا كفرتم؟ " يوما يجعل الولدان شيبا "، شمطاً من هوله وشدته، ذلك حين يقال لآدم قم فابعث بعث النار من ذريتك.
ثم وصف هو ذل اليوم فقال: 18- "السماء منفطر به"، متشقق لنزول الملائكة به أي: بذلك المكان. وقيل: الهاء ترجع إلى الرب أي: بأمره وهيبته، "كان وعده مفعولاً"، كائناً.
19- "إن هذه"، أي: آيات القرآن "تذكرة"، تذكير وموعظة، "فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً"، بالإيمان والطاعة.
20- "إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى"، أقل من، "ثلثي الليل ونصفه وثلثه"، قرأ أهل مكة والكوفة: نصفه وثلثه بنصب الفاء والثاء وإشباع الهاءين ضماً، أي: وتقوم نصفه وثلثه وقرأ الآخرون بجر الفاء والثاء وإشباع الهاءين كسراً، عطفاً على ثلثي، "وطائفة من الذين معك"، يعني المؤمنين وكانوا يقومون معه، "والله يقدر الليل والنهار"، قال عطاء: يريد لا يفوته علم ما تفعلون، إي أنه يعلم مقادير الليل والنهار فيعلم القدر الذي تقومون من الليل، "علم أن لن تحصوه"، قال الحسن: قاموا حتى انتفخت أقدامهم، فنزل: علم أن لن تحصوه، لن تطيقوا معرفة ذلك. وقال مقاتل: كان الرجل يصلي الليل كله، مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام، فقال: علم أن ين تحصوه لن تطيقوا معرفة ذلك. "فتاب عليكم"، فعاد عليكم بالعفو والتخفيف، "فاقرؤوا ما تيسر من القرآن"، يعني في الصلاة، قال الحسن: يعني في صلاة المغرب والعشاء. قال قيس بن أبي حازم: صليت خلف ابن عباس بالبصرة فقرأ في أول ركعة بالحمد وأول آية من البقرة، ثم قام في الثانية فقرأ بالحمد والآية الثانية من البقرة، ثم ركع، فلما انصرف أقبل علينا فقال: إن الله عز وجل يقول: فاقرؤوا ما تيسر منه. أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو منصور السمعاني، حدثنا أبو جعفر الرياني، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا عثمان بن أبي صالح، حثدنا ابن لهيعة، حدثني حميد بن مخراق، عن أنس بن مالك "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قرأ خمسين آية في يوم أو في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية لم يحاجه القرآن يوم القيامة، ومن قرأ خمسمائة آية كتب له قنطار من الأجر". أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثني القاسم بن زكريا، حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان، عن يحيى بن كثير عن محمد عبد الله بن عبد الرحمن مولى بني زهرة عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ القرآن في كل شهر، قال قلت: إني أجد قوة، قال: فاقرأه في كل عشرين ليلة، قال قلت: إني أجد قوة، قال: فاقرأه في كل سبع ولا تزد على ذلك". قوله عز وجل: "علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله"، يعني المسافرين للتجارة يطلبون من رزق الله، "وآخرون يقاتلون في سبيل الله"، لا يطيقون قيام الليل. روى إبراهيم عن ابن مسعود قال: أيما رجل جلب شيئاً إلى المدينة من مدائن المسلمين صابراً محتسباً فباعه بسعر يومه كان عند الله بمنزلة الشهداء، ثم قرأ عبد الله: "وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله" يعني المسافرين للتجارة يطلبون رزق الله، "وآخرون يقاتلون في سبيل الله". " فاقرؤوا ما تيسر منه "، أي ما تيسر عليكم من القرآن. قال أهل التفسير كان هذا في صدر الإسلام ثم نسخ بالصلوات الخمس، وذلك قوله: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسناً"، قال ابن عباس: يريد ما سوى الزكاة من صلة الرحم، وقرى الضيف. "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً"، تجدوا ثوابه في الآخرة أفضل مما أعطيتم، "وأعظم أجراً"، من الذي أخرتم، ولم تقدموه، ونصب "خيراً وأعظم" على المفعول الثاني، فإن الوجود إذا كان بمعنى الرؤية يتعدى إلى مفعولين، وهو فصل في قول البصريين، وعماد في قول الكوفيين، لا محل له في الإعراب. أخبرنا أبو القاسم يحي بن علي الكشميهني، أخبرنا أبو نصر أحمد بن علي البخاري بالكوفة، أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد الفقيه بالموصل، حدثنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد قال: قال عبد الله: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه؟ قالوا: يا رسول الله ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه. قال: اعلموا ما تقولون قالوا ما نعلم إلا ذلك يا رسول الله، قال: ما منكم رجل إلا مال وارثه أحب إليه من ماله، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: إنما مال أحدكم ما قدم ومال وارثه ما أخر". "واستغفروا الله"، لذنوبكم، "إن الله غفور رحيم".